مشروعية وأهمية الزواج عند البهائيين
يحث الدين البهائي على الزواج والإنجاب والتكاثر ، ويقدم الزواج على أنه منظومة اجتماعية تحقق للفرد السكن والاستقرار ، وتقيم الدين البهائي ، وفي ذلك يقول الكتاب الأقدس :
" تزوجوا يا قوم ليظهر منكم من يذكرني بين عبادي هذا من أمري عليكم اتخذوه لأنفسكم معيناً." الكتاب الاقدس : فقرة ٦۳.
"تزوّجوا ليقوم بعدكم أحد مقامكم ...... ان الذي ما تزوّج انه ما وجد مقرا ليسكن فيه أو يضع رأسه عليه ...." ألواح نازلة بملوك : ص١٠٠.
"قد كتب الله عليكم النّكاح ....." الكتاب الاقدس : فقرة ٦۳.
إلزامية الزواج عند البهائيين
الزاوج أمر مستحسن ، وليس لزاما على الأشخاص البهائيين .
طبيعة الزواج عند البهائيين
رابطة أسرية أبدية عاطفية روحانية دينية بين رجل وإمرأة ، وفي ذلك يقول "عبدالبهاء" في شرحه للكتاب الأقدس في هذا الشأن :
"والزّواج عند البهائيّين هو اتّحاد المرأة والرّجل روحًا وجسمًا حتّى يكون اتّحادهما أبديًّا في جميع العوالم الإلهيّة ، ويقوم أحدهما على ترقية الحياة الرّوحانيّة للآخر. هذا هو الاقتران البهائيّ." المكاتيب – الطبعة الانجليزية - ج٢ -ص ٣٢٥.
تعدد الأزواج و الزوجات عند البهائيين
يلاحظ أن تعدد الأزواج والزوجات حرام في الدين البهائي ، فالزوجية = زوج واحد + زوجة واحدة ، وهذا ما يتشابه مع مبدأ " وحدانية الزواج " أو " شريعة الزوجة الواحدة " في الديانة المسيحية ، وفي ذلك يقول الكتاب الأقدس :
"قد كتب الله عليكم النّكاح إيّاكم أن تجاوزوا عن الاثنتين والّذي اقتنع بواحدة من الاماء استراحت نفسه ونفسها." الكتاب الاقدس : فقرة ٦۳.
وأوضح " عبد البهاء " الذي اختاره "بهاء الله " مبينًا لآيات الكتاب أن نصّ الكتاب الأقدس في الواقع يأمر بالاكتفاء بزوجة واحدة وشرح ذلك بقوله :
"اعلمي أنّ شريعة الله لا تجوّز تعدد الزوجات لأنها صرّحت بالقناعة بواحدة منها ، وشَرَط الزوجة الثانية بالقسط والعدالة بينهما في جميع المراتب والأحوال. فأما العدل والقسط بين الزوجتين من المستحيل والممتنعات وتعليق هذا الأمر بشيء ممتنع الوجود دليل واضح على عدم جوازه بوجه من الوجوه فلذلك لا يجوز إلا امرأة واحدة لكل إنسان." شرح الكتاب الأقدس : فقرة ۸٩.
مسكن الزوجية عند البهائيين
لا تختلف شروط مسكن الزوجية في الديانة البهائية عما هو موجود في الفقه الإسلامي ، حيث يلتزم الزوج - بحسب يساره - بإيجاد وتجهيز وتاثيث مسكن الزوجية بالشكل الذي يرضي زوجته ويجعلها توافق به كمسكن للزوجية وفقا لما هو متبع في المجتمع ، وقد تلتزم الزوجة البهائية بتجهيز وـتأثيث مسكن الزوجية مع زوجها بحسب اتفاقهما معا .
أركان عقد الزواج عند البهائيين
١) توقيع الزوجين البالغين ( سن البلوغ عند البهائيين هو ١٥ سنة ) على عقد الزواج ، وذلك بما يفيد رضاء الزوج والزوجة ببعضهما البعض بعد تلاوة الصيغة القولية الشكلية التي تفيد رضاءهما بعقد الزواج ، وفي ذلك يقول الكتاب الأقدس عن رضاء الزوجين بالزواج :
"إنّه قد حُدّد في البيان برضاء الطّرفين. ..." الكتاب الاقدس : فقرة ٦٥.
وقد كتب "عبدالبهاء" في شرحه للكتاب الأقدس في هذا الشأن :
"إنّ الزّواج في الأمر المبارك اتّفاق تام ورضاء كامل بين الطّرفين، ويجب عليهما مراعاة الدّقة، وأنْ يطّلع أحدهما على أخلاق الآخر، ويتعاهدا على عهد متين قويّ بينهما، ويجب أنْ يكونَ ارتباطهما أبديًّا، ومقصودهما الألفة والمحبّة والاتّحاد والحياة الدّائميّة، ويجب على العريس أنْ يقولَ بحضور العروس وحضور بعض الآخرين "إنّا كلّ لله راضون" وتقول العروس لقاء ذلك "إنّا كلّ لله راضيات." المكاتيب – الطبعة الانجليزية - ج٢ -ص ٣٢٥.
٢) توقيع الوالدين على عقد الزواج ، وذلك بما يفيد رضاء والدي الزوج ووالدي الزوجة بالزواج ، وفي ذلك يقول الكتاب الأقدس عن الزواج :
" إنّا لمّا أردنا المحبّة والوداد واتّحاد العباد لذا علّقناه بإذن الأبوين بعدهما لئلاّ تقع بينهما الضّغينة والبغضاء." الكتاب الاقدس : فقرة ٦٥.
وقد كتب "عبدالبهاء" في شرحه للكتاب الأقدس في هذا الشأن :
"أمّا بخصوص الزّواج فعليك بموجب شريعة الله أنْ تختارَ واحدة ، وبعد ذلك يناط الأمر برضاء الأبوين ، ولكنّهما لا يحقّ لهما التّدخل في الزّواج قبل انتقائك." المكاتيب ، الطبعة الانجليزية – ج٣ ص ٥٦٣.
٣) توقيع الشاهدين على عقد الزواج ، وفي ذلك يقول " عبد البهاء " شارحا الكتاب الأقدس :
“إنّ عقد الزّواج البهائيّ بسيط جدًّا وكلّ ما يلزم خلاله هو أنْ يقولَ العريس والعروس في حضور شاهدين اثنين على الأقل : “إنّا كلّ لله راضون” و”إنّا كلّ لله راضيات” كتاب منتخبات من كتاب بهاء الله والعصر الجديد ، صـ134-136 ( الغلاف )
٤) أداء المهر ، أداء الزوج المهر لزوجته ، والمهر هو الحق المالي الذي تستحقه الزوجة على زوجها بالعقد عليها، أو الدخول بها ، فعند البهائيين مبدأ " لا أصهار بلا أمهار " كما حدد الكتاب الأقدس ، ويشترط في المهر :
- ألا يقل عن الحد الأدنى المقرر له في الكتاب الاقدس ( ١٩ مثقال من الذهب الخالص بالنسبة للمدينة ، و١٩ مثقال من الفضة الخاصة بالنسبة للقرى ) ، ومن الممكن ان يكون المهر من الفضة - لا الذهب - بالنسبة للمدينة .
- ألا يزيد عن الحد الأقصى المقرر له في الكتاب الأقدس ( ٩٥ مثقال ذهب ) ، والمثقال حوالي = 3.5 جرام / 19 المثقال = 690.00 = 70 جرام من الذهب ، وبشأن المهر يؤكد الكتاب الأقدس أنه :
لا يحقق الصهار الا بالأمهار ، قد قدّر للمدن تسعة عشر مثقالاً من الذّهب الابريز وللقرى من الفضّة ومن اراد الزّيادة حُرّم عليه ان يتجاوز عن خمسة وتسعين مثقالاً الكتاب الاقدس : فقرة ٦٦.
يرى البعض من غير البهائيين أن : في تلك الآية تمييز في المهر بين المرأة المدنية والمرأة القروية .
ويرد البهائيون على ذلك الاعتراض بأن المهر لا يتم تحديده على أساس موطن الزوجة ، وانما يتم تحديده على أساس :
١) موطن الزوج ( محل إقامته ) : وهل هو مدني أم قروي ؟! .
٢) يسار الزوج ( حالته المادية ) : وهل هو موسر أم معسر ؟! .
ويجوز اعطاء سند بالمهر أو تقسيطه اذا لم يكن في استطاعة الزوج دفعه كاملا.
٥) تلاوة الآيات ، أي قراءة الآيات الخاصة بالزواج والواردة في الكتاب الأقدس لاتمام مراسم الزواج .
نموذج عقد زواج بهائي
تعريف الطلاق بوجه عام
- مفهوم الطلاق في الديانة البهائية لا يختلف كثيرا عن مفاهيمه السائدة في الفقه الإسلامي واللغة العربية حيث يكمن معناه الجوهري في أنه : انفصال الزوجين أحدهما عن الآخر وإبطال زواجهما.
مشروعية الطلاق عند البهائيين
حق جائز للزوج والزوجة ، ولكنه مكروه لأن الأصل في الزواج عندهم الأبدية القائمة على المحبة بين الزوجين شأنهم شأن الاسلام والمسيحية واليهودية .
طبيعة الطلاق عند البهائيين
تصرف بالارادة المنفردة للزوج أو الزوجة بقصد انهاء رابطة الزوجية بينه وبين زوجته ، وعند البهائيين يعلق الطلاق على شرط فاسخ ، والشرط هو :
1) انقضاء سنة بهائية كاملة تسمى عندهم " سنة الاصطبار " .
2 ) موافقة المحفل البهائي المختص على طلب الطلاق بعد مضي سنة الاصطبار و دراسة وتقدير أسباب الطلاق ، وفشل كل محاولات الإصلاح بين الزوجين .
يلاحظ أن السنة عند البهائيين تسمى " سنة بهائية " وفقا للتقويم البديع وهو تقويم شمسي يقسم السنة الشمسية الميلادية الواحدة إلى 19 شهر ، ويقسم كل شهر 19 يوم ، ويقسم كل أسبوع إلى سبعة أيام .
يلاحظ ذلك النص الوار دفي الكتاب الأقدس ص 148 :
" سؤال: سُئل مجدّداً عن الطّلاق ، وكان الجواب:أنّ الحقّ جلّ جلاله يبغض الطّلاق لم يُنزل شيئاً بخصوصه، ولكن يجب أن يشهد شاهدان ، أو أكثر ، من بداية الانفصال إلى نهاية مدّة السَّنة، فإن لم يحصل الرّجوع في انتهاء السَّنة يقع الطّلاق. ويجب أن يُثْبَتَ ذلك في سجلّ الحاكم الشّرعيّ المُعيَّن للبلد من قِبَل بيت العدل. والعمل بهذا ضروريّ حتّى لا تحزن به أفئدة أولي الألباب."
أسباب الطلاق عند البهائيين
بحسب الكتاب الأقدس سببان هما :
١- الكراهية ، حيث يكره أحد الطرفين الآخر ، او يكره الطرفان بعضهما البعض .
٢ - الكدورة ، وهي كلمة جذرها الكدر ( حياة عكرة غير صافية بها متاعب وهموم كثيرة ) ، حيث تكدر عيشة الزوجين وتستحيل العشرة بينهما .
مراحل الطلاق عند البهائيين
١) التوصيل : - توصيل الزوج لزوجته على نفقته الشخصية إلى بيت أهلها.
ملحوظة : من الممكن أن تمكث الزوجة في مسكن الزوجية هي وأولادها ويغادر الزوج مسكن الزوجية بحسب ما يحدد المحفل البهائي المحلي بعد دراسة مسألة الزوجية وأسباب الخلاف بين الزوجين.
٢) الفرقة :- أن يفترق الزوجان مدة سنة بهائية كاملة تسمى سنة اصطبار ، بحيث يمكث الزوج في مسكن الزوجية ، وتمكث الزوجة في بيت أهلها .
٣) الإصلاح :- أن يحاول الأهل الاصلاح بين الزوجين ، ويمكن أن يتدخل المحفل البهائي في الإصلاح بين الزوجين .
٤ ) الإصرار :- اذا فشل الأهل والمحفل البهائي في الإصلاح بين الزوجين ، ومرت سنة الاصطبار دون أن يعود الزوجان إلى بعضهما البعض ، يقع الطلاق .
الرجعة عند البهائيين
في حالة عودة الزوجين الى بعضهما البعض ، يتم التمييز بين حالتين :
- اذا كانت الرجعة اثناء استمرار سنة الاصطبار
يستمر عقد الزواج بين الزوجين مرتبا كافة آثاره القانونية .
- اذا كانت الرجعة بعد انقضاء سنة الاصطبار
ينقضي عقد الزواج ، ويلتزم الزوجين باعادة ابرام عقد زواج جديد موقعا عليه منهما ، ومن والدي الزوج ، ووالدي الزوجة ، وشاهدي عقد الزواج ، ويلتزم الزوج بأن يدفع مهر جديد للزوجة .
وفي الحالتين يلتزم الزوجان بإخطار الهيئة الإدارية البهائية المختصة ( المحفل البهائي المختص ) برجوعهما إلى بعضهما البعض .
نفقة الزوجة عند البهائيين
المقصود بالنفقة عند البهائيين لا يختلف كثيرا عن مفوم النفقة في الفقه الإسلامي ، وتقدر النفقة عند البهائيين حسب يسار الزوج ( حالته المادية ) ، ويلتزم الزوج بأن ينفق على زوجته وأولاده وهي في بيت أهلها طوال سنة الاصطبار ( نفقة الزوجية ) ، وبعد انقضاء السنة يسقط عنه هذا الالتزام مالم يلتزم بذلك الأمر انسانيا.
سقوط نفقة الزوجة عند البهائيين
يسقط حق الزوجة البهائية في تلقي النفقة من زوجها إذا ثبت عليها منكر ، وفي ذلك يقول الكتاب الأقدس :
" والّتي طلّقت بما ثبت عليها منكر لا نفقة لها ايّام تربّصها كذلك كان نيّر الامر من افق العدل مشهوداً. " الكتاب الأقدس - فقرة 70
عدة الزوجة عند البهائيين
1) حالات ومدد العدة :
* في حالة الطلاق من زوجها : تعتد بنفسها لمدة سنة ، هي سنة الاصطبار .
* في حالة وفاة أو قتل أو غياب زوجها : تعتد بنفسها لمدة تسعة أشهر ( 9 شهور ) .
2) الحكمة من تشريع العدة :
وذلك ضمانا لخلو رحم المرأة من الحمل ، ومنع اختلاط الأنساب ، وبعد انقضاء مدة العدة يحق للزوجة أن تختار زوجا آخر ترتبط به .
ملاحظات :
لا يوجد عند البهائيين ما يلي :
١) تمكين الزوجة من مسكن الزوجية بأسلوب سلطوي كما هو الحال في قانون الأحوال الشخصية في مصر ، حيث تظل المرأة المطلقة حاضنة لأطفالها ، ولكن خارج مسكن الزوجية ، وقد يترك لها الزوج مسكن الزوجية ويغادر .
٢) استقلال شبكة الزوجة عن المهر ، فالشبكة عند البهائيين هدية تنفصل جزء عن المهر حيث أن المهر هو الأصل والأساس في الزوجية ، بينما الشبكة هي شيء فرعي يُحدد بحسب العرف واتفاق عائلتي الزوجين كما هو الحال في فتوى دار الإفتاء المصرية.
٣) مطالبة الزوجة لزوجها بقائمة المنقولات الزوجية كما هو الحال في قانون الأحوال الشخصية في مصر، حيث يلتزم الزوج غالبا بتجهيز وتأثيث مسكن الزوجية .
٤ ) الخلع ( الطلاق على مال أو الطلاق بعوض ) مثلما هو الحال في الشريعة الاسلامية ، فالزوجة عند البهائيين تستطيع أن تطلق زوجها بإرادتها المنفردة دون أن تلتزم برد المهر لزوجها إذا كرهت الحياة معه وأصابت حياتهما الزوجية الكدورة.
يوجد عند البهائيين ما يلي :
١) يجوز للمرأة البهائية أن تتزوج من رجل غير بهائي ، ويجوز للرجل البهائي أن يتزوج من إمرأة غير بهائية ، وذلك تأسيسا على مبدأ وحدة الجنس البشري عند البهائيين .
٢) حق الرؤية ، حيث يحق للزوج رؤية اطفاله بعد الطلاق كحق إنساني فطري يفترض وجوده إنسانيا.
أشخاص لولاهم ما صيغ هذا المقال بهذا الشكل ، وفي ختام هذا المقال وجب شكرهم والإعتراف بفضلهم في نقد وتصويب هذا المقال من الناحية العلمية من باب أنهم متخصصون في دراسة المذاهب والأديان والشرائع :
د. كمال الإخناوي.
أ. سامي شوقي.
م.سهام شوقي .
