مفهوم المساكنة
المعنى المصطلحي
كلمة مشتقة من فعل ساكن ، وفي اللغة الإنجليزية تعني Cohabitation وهي كلمة مشتقة من كلمة ( cohabitate ) التي تعني في اللغة اللاتينية « تجمع »، والمشتقة من كلمتين: ( co- ) التي تعني « معًا » و ( -habitate ) التي تعني « يعيش » ، ونلاحظ أن الكلمة الأخير ة هذه تتشابه مع كلمة ( Habiter ) والتي تعني " يعيش " أو " يقيم " في اللغة الفرنسية .
المعنى الاصطلاحي
هي :
- اتفاق بين طرفين أو أكثر على أن يشتركوا جميعا في العيش بمحل اقامة واحد مشترك ، ويتم تحديد الحقوق والواجبات فيه بشكل عرفي أو رسمي موثق .
- التواجد أو العيش مع آخر .
طبيعة المساكنة
* شراكة منزلية .
* أو نوع من أنواع المعاشرة .
* أو نظام اجتماعي يعيش فيه الأشخاص غير المتزوجين معًا .
* نظام بديل عن الزواج التقليدي .
* أسلوب حياة علماني لا ديني حداثي .
تاريخ المساكنة
- بدأ هذا النظام في الدول الإسكندنافية في أوروبا منذ منتصف تسعينيات القرن العشرين ، وهو مستمر حتى الآن .
أنواع المساكنة
من حيث المدة :
قد تنقسم المساكنة إلى :
- مساكنة مؤقتة : تحدد بمدة زمنية مينة ، وهي أشبه بـ زواج المتعة أو متعة النكاح عند الشيعة إذا كانت بين ذكر وأنثى بقصد ممارسة الجنس .
- مساكنة دائمة : تمتد إلى ما لا نهاية حتى الوفاة أو الانفصال القهري بالنسبة لأحدأطرافها إذا كانت بين مجموعة أطراف ، أو أحد طرفيها إذا كانت بين طرفين فقط .
من حيث العدد :
قد تنقسم المساكنة إلى :
- ثنائية بسيطة : تكون بين شخصين طبيعيين .
.jfif)
- جماعية معقدة : تكون بين ثلاثة أشخاص طبيعيين فأكثر .
.jfif)
قد تنقسم المساكنة إلى :
- مساكنة حميمية : يحدث بين طرفيها أو أطرافها إتصالات عاطفية أو جنسية أو كليهما ، ومن الممكن أن تحدث اتصالات عاطفية فقط إذا كان أطرافها لاجنسيين يتعايشون معا تحت غطاء الحب العذري ، وهذا هو النوع محل التنازع المجتمعي .
- مساكنة عمل : يتساكن فيها طرفين أو اكثر بسبب أو بمناسبة العمل ، كالسكن الإداري المخصص للعمل أو سكن العمال والموظفين .
- مساكنة علم : يتساكن فيها طرفين أو أكثر بسبب او بمناسبة تحصيل العلم و الالتحاق بالمؤسسات التعليمية والثقافية ، مثل سكن الطلاب المشترك في مكان ما .
.jfif)
- مساكنة سفر : تحدث بين طرفين أو اكثر بسبب أو بمناسبة السفر ، كأن يتساكن مجموعة اشخاص مع بعضهم البعض في نُزل مسافرين بسبب سفرهم أو هجرتهم إلى مكان ما .
- مساكنة ترفيه : يتساكن فيها طرفين أو أكثر بسبب أو بمناسبة الترفيه ، كالسكن في فندق أو نزل شباب بقصد حضور رحلة أو مؤتمر أو مناسبة معينة ، مثل السكن المختلط في برامج الغناء ستار ميكر و الأخ الأكبر .
ومن الممكن أن يجتمع أكثر من نوع في مساكنة واحدة ، أو تتحول المساكنة من نوع إلى آخر ، كأن يساكن ذكر انثى بشكل مؤقت بقصد العلاقة الحميمية بجانب اشتراكهما في العمل والعلم والسفر والترفيه ، ثم ينضمان لمجموعة أفراد يتساكنون معهم بعد ذلك للأغراض نفسها بشكل دائم .
أهم أسباب المساكنة
للمساكنة عدة أسباب من أهمها ما يلي :
- الرغبة في دخول علاقة رومانسية أو جنسية لفترة مؤقتة أو دائمة دون التقيد بمسئوليات ومهام زوجية .
- ارتفاع معدلات خروج المرأة إلى بيئة العمل ، واعتمادها على العمل ، ورفضها نموذج المرأة المعالة أو المحتبسة أو المحتسبة من الزوج بحسب الفقه الإسلامي ، بجانب سعي المرأة نحو الاستقلال والاستقرار المادي .
- تبنى نساء كثيرات أفكار ضد نظم الزوجية والأمومة مثل : اللا انجابية ( رفض الانجاب الاختياري ) والاعتماد على وسائل منع الحمل .
- سقوط الكثير من النظم الشيوعية .
- بزوغ نجم النظم الرأسمالية .
- انتشار النزعة الفردانية ، ولعل هذا ما عبر عنه الشيخ " أبو اسحاق الحويني " بقوله : " أنت الجماعة ولو كنت وحدك " .
- ظهور و انتشار العلمانية التي همشت الدين بالنسبة لبعض الأفراد والمجتمعات على أساس فصل الدين عن الدولة .
- دخول معظم دول أوروبا في الاتحاد الأوروبي ، وتأثرهم بنموذج المجتمع الغربي الأوروبي وأنماط الحياة الأسرية فيه .
- ارتفاع معدلات الطلاق ، وخشية الأفراد من التعرض لتجربة الطلاق المؤلمة ماديا ومعنويا .
- تأخر سن الزواج وارتفاع معدلات العنوسة .
- اعتبار الزواج نظام اجتماعي تقليدي بائد عفا عليه الزمن .
- توفير أكبر قدر من المال من باب الحرص أو الفقر أو التحضر .
- اختبار مدى نجاح العلاقة بين شخص وآخر تمهيدا للارتباط به رسميا في المستقبل ، وإعمالا للمثل المصري القائل : " تعرف فلان ؟ اه.. عاشرته ؟ لا ...تبقى ما تعرفوش ."
- الشعور بالراحة في الإقامة مع الآخرين واقتسام العيش معهم ، والتعود على ذلك .
- زيادة معدلات الهجرة واحتياج المهاجرين إلى العيش في سكن مشترك نتيجة غلاء أسعار السكن والمعيشة ، وزيادة فروق العملات بين دولة المولد أو الدولة التي هاجر منها المسافر ودولة الإقامة أو الدولة التي هاجر إليها المسافر وهو ما يسمى بالسكن Sharing على سبيل المثال : السكن المشترك في إمارة أبو ظبي بدولة الإمارات العربية المتحدة .
- ارتفاع تكاليف الزواج وزيادة أعبائه المالية والمعنوية ، وعدم وجود ضمانات لحياة أفضل بعد الزواج فضلا عن كونه مغامرة ومقامرة غير مأمونة الجوانب وغير مضمونة العواقب وتشمل بكل شيء بالنسبة للطرفين كما قيل في الأمثال شعبية المصرية : " الزواج زي البطيخة يا تطلع حمراء يا تطلع قرعة " .
- انتشار المثلية الجنسية والاعتراف بها وعدم تجريمها ، وأغلب الأشخاص المثليين يفضلون مساكنة بعضهم البعض ، يمكنك مشاهدة عشرات الفيديوهات والصور بمجرد أن تكتب على موقع يوتيوب أو جوجل عبارات مثل :
- الثورة الجنسية التي أدت إلى تغير النظرة إلى الجنس باعتباره ممارسة شخصية يمكن ألا ترتبط بالزواج أو بالانجاب ، فيكون بذلك الجنس هدف أو غاية في حد ذاته وحق إنساني ووسيلة إمتاع وغريزة حيوانية فطرية و ليس وصمة عار اجتماعية ، وذلك كله استدلالا واستظلالا بالآتي :
- الجنسانية ( التعبير الجنسي عن النفس ) .
- اكتساب الحقوق الجنسية والانجابية .
- الحرية الجنسية بحيث يكون كل إنسان حر في جسده ، وهو ما عبر عنه الكاتب المصري / هشام المصري بقوله : " من لا يملك جسده لا يملك حريته " .
بشرط أن تتم الممارسة الجنسية برضاء الأشخاص الطبيعيين البالغين ، وإلا أصبح الجنس يمثل اضطرابا جنسيا مثل :
أ- البيدوفيليا ، إذا تحول الجنس إلى اعتداء أو اشتهاء جنسي أو تحرش جنسي بالأطفال ، والطفل هو الشخص الطبيعي صغير السن الذي يكون في طور الطفولة التي تمتد من مرحلة الولادة حتى مرحلة ما قبل البلوغ ومن ثم يكون سنه دون سن الثامنة عشر ما لم يحدد قانون الدولة سناً أصغر من هذا السن وذلك وفقا للمادة 1 من إتفاقية الأمم المتحدة لحقوق الطفل .
ب- الاغتصاب ، إذا تحول الجنس إلى اعتداء أو عنف جنسي ضد شخص طبيعي لإجباره على ممارسة الجنس رغما عنه ، وهناك أيضا الاغتصاب الزوجي ( مواقعة الزوجة دون رضاها وهو جريمة وفقا لنص المادة 267 من قانون العقوبات المصري رقم 58 لسنة 1937 ).
ج- الزوفيليا ( البهيمية ) ، إذا تحول الجنس إلى اعتداء جنسي على حيوان .
أهم أثار المساكنة
غالبا ما تؤدي المساكنة إلى وجود أطفال بدون زواج ، ومن ثم يظهر مصطلحان وهما :
- الأبوة غير الزوجية : بحيث يكون الرجل أب دون أن يكون زوج .
- الأمومة غير الزوجية : حيث تكون المرأة أم دون أن تكون زوجة .
موقف بعض الأديان الإبراهيمية من المساكنة
ترفض الأديان الإبراهيمية المساكنة ولا تعترف بها ، وعلى سبيل المثال نذكر :
موقف الديانة اليهودية من المساكنة
ترفض الديانة اليهودية نظام المساكنة وتعتبره زنا وخطية ونجاسة بحسب تعاليم وآيات التوارة ( العهد القديم ) ، ومن الشواهد التوراتية التي تؤكد ذلك :
موقف الديانة المسيحية من المساكنة
الأصل :
ترفض الديانة المسيحية نظام المساكنة وتعتبره زنا وخطية تخالف أحكام وتعاليم وآيات الكتاب المقدس ، وقد رفضته جميع الكنائس وخصوصا الكنائس الأرثوذوكسية وشهود يهوه ، ومن الشواهد الإنجيلية ( في العهد الجديد ) التي تؤكد ذلك :
إنجيل متى 15 : 19 و20 ، 5 : 27 ، 19 : 18
سفر أعمال الرسل 15 : 20 و25و29
رسالة بولس الرسول الأولى إلى أهل كورنثوس 5 : 9 و10 ، 6 : 9و13و18 ، 7 : 1و2 ، 10 : 8
رسالة بولس الرسول الثانية إلى أهل كورنثوس 12 : 21
رسالة بولس الرسول الأولى إلى أهل رومية 1 : 29 ، 13 : 9
رسالة بولس الرسول إلى أهل أفسس 5 : 3
رسالة بولس الرسول إلى العبرانيين 13 : 4
رسالة بولس الرسول إلى أهل كولوسي 3 : 5
رسالة بولس الرسول الأولى إلى أهل تسالونيكي 4 : 3
سفر رؤيا يوحنا الاهوتي 2 : 21 ، 9 : 21 ، 21 : 8 ، 22 : 15
استثناء :
موقف الكنيسة الكاثوليكية من المساكنة
دعا البابا فرنسيس ( بابا الفاتيكان ) إلى التساهل مع المساكنة ، وزوج زوجين يعيشان معًا بالمساكنة وسبق لهما أن أنجبا أطفالًا ، واحتفل مع عدد من الأشخاص الذين أنجبوا أطفالا بدون زواج .
موقف الكنيسة الأنجليكانية من المساكنة
رحبت الكنيسة الأنجليكانية بالأزواج المتساكنين في الكنيسة وشجعوهم على اعتبار المساكنة مقدمة للزواج المسيحي .
موقف الاسلام من المساكنة
الأصل :
يرفض الاسلام المساكنة على اعتبار أنها زنا ، بل ومقدمة إلى الزنا المنهي عن كل خطواته وفقا لنص الآية 32 من سورة الإسراء في القرآن الكريم ، فضلا عن أن فيها خلوة محرمة غير شرعية بالمرأة ، وقد نهى الإسلام المرأة والرجل عن اتخاذ الأخدان ، ليس هذا فحسب فالزنا يستوجب تطبيق حد الزنا على الزاني والزانية وفقا لنص الآية 2 من سورة النور في القرآن الكريم .
.jfif)
الاستثناء :
يرى الفقيه ابن حجر الهيتمي أن المساكنة مباحة بشرط ألا تتحد المرأة مع الرجل الأجنبي في مرفق أو ممر كمطبخ أو خلاء أو بئر أو سطح أو مصعد ، ولعل هذا ما يحدث في السكن الجامعي أو الإداري بالنسبة للإناث والذكور في الجامعات حيث يشترك الإناث والذكور في مكان مشترك دون اختلاط معيشي بين الطرفين .
ويرى الإمام النووي أن المساكنة مباحة بشرط أن يكون مع المرأة محرم .
المساكنة والقانون
في الدول العلمانية التي تعتبر القانون الوضعي البشري مرجعية لها :
تعتبر المساكنة نظام اجتماعي اختياري ما لم يجرمها القانون بنص صريح ، على سبيل المثال اعترفت اسرائيل بنظام المساكنة غير المسجلة ، وهناك أيضا نظام قانوني خاص بالمساكنة في استراليا .
وفي الدول الدينية غير العلمانية التي تعتبر شريعة ما مرجعية لها :
تعتبر المساكنة جريمة زنا ، ويعتبر الدعوة إليها من قبيل جرائم ازدراء الدين الإسلامي ، على سبيل المثال :
- في دولة العراق تنص المادة الثانية من الدستور على أن الشريعة الإسلامية هي المصدر الرئيسي للتشريع ، ويعاقب قانون العقوبات العراقي رقم 111 لسنة 1969 م مرتكب جريمة إزدراء الدين بموجب المادة 273 .
- وفي دولة مصر تنص المادة الثانية من الدستور على أن الشريعة الإسلامية هي المصدر الرئيسي للتشريع ، ويعاقب قانون العقوبات المصري رقم 58 لسنة 1937 م على جريمة إزدراء الدين بموجب المادتين 98 "و" و160 ، والمادة 25 من قانون تقنية المعلومات رقم 175 لسنة 2018 ، ومن هذا المنطق أوقفت نقابة المحامين المصرية المحامي هاني سامح عن العمل وأحالته إلى التحقيق بقرار نقابي رسمي بسبب تصريحاته التلفزيونية عن قبوله نظام المساكنة .
الجواب : لا ، ولكنه قال أن من استأجر إمرأة ليزني بها ثم زنى بها فلا يقام الحد عليهما ، يعني لا يعاقبا بعقوبة حدية وإنما يعاقبا بعقوبة تعزيرية .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق