ما تعريف المنطق ؟
المنطق علم يوناني غربي يهتم بدراسة قواعد التفكير المنهجي المتسلسل السليم الصحيح ، وطرق الاستدلال الصحيح .
ما تعريف الدين ؟
كل ما يدين به الإنسان ، وجوهره مجموعة معتقدات يلتزم بها شخص خضوعا لشريعة دينية معينة .
ماذا عن محاولات منطقة الدين ؟
حاول بعض الفلاسفة المسلمين منطقة الدين مثل : ابن سينا والفارابي وابن رشد ، حيث نقلوا فلسفة اليونان وربطوها بالدين الإسلامي فأنتجوا علم الكلام .
سؤال فرعي : بماذا وصف جوستاف لوبون " المنطق الديني " ؟
انتقد المؤرخ جوستاف لوبون مصطلح المنطق الديني في كتابه " الآراء والمعتقدات " ، حيث يرى أن هذا النوع من المنطق له تأثيرا سلبيا في الآداب والفنون والسياسة ، حيث يؤدي إلى اعتناق عقائد دينية وأوهام بعيدة كل البعد عن التحليل العقلي .
سؤال فرعي : ما أساس اتجاه منطقة الدين ؟
البعض يستخدم المنطق كأداة يمكن تطويعها لخدمة الدين على أساس أن :
- الدين أمر عقلاني يُفهم بالعقل .
- ربنا عرفوه بالعقل .
وهؤلاء غالبا أنصار اتجاهات مثل :
" عقلنة الدين " أو " التدين العقلي " .
أو " الإصلاح الديني " .
أو " تنقية التراث الديني ".
وللأسف غالبا ما لا يوفق أنصار تلك الإتجاهات .
ما نظرة الدين لعلم المنطق ؟
ينظر الدين إلى المنطق بوصفه هرطقة و مُحدثة وبدعة لم تكن في الدين من الأساس ، و كل محدثة بدعة ، وكل بدعة ضلالة ، وكل هرطيق أو زنديق مآله إلى الجحيم .
هل توجد علاقة بين المنطق والدين ؟
في رأيي الشخصي لا توجد علاقة بين المجالين ، وإذا وجدت علاقة بين المنطق والدين ستكون علاقة عكسية .
ما أوجه الاختلاف بين المنطق والدين ؟
كثيرة جدا يمكن إجمال أهمها فيما يلي :
* المنطق أمام الطبيعة ، والدين وراء الطبيعة ، حيث يعتمد المنطق على أمور واقعية أمام الطبيعة ، وما هو منتمي للواقع ، وما هو منتمي للحياة الآنية المعاصرة ، في حين يعتمد الدين في أغلبه على أمور غيبية وراء الطبيعة ، وما هو منتمي للغيب ، والغيب عوالم محجوبة عن إدراكنا الحسي الدنيوي ويصعب إثبات وجودها اعتمادا على الحواس الخمسة مثل : إدراك الله والملائكة والجن والشياطين ، كل هذا العالم يستحيل إدراكه حسيا وعلميا وواقعيا بالنسبة لكل الناس في الوقت الحالي ، لكن سيتم إدراك هذا العالم في اليوم الأخير أو يوم الدينونة أو يوم القيامة بحسب المرويات الدينية .
* المنطق علم دنيوي ، والدين فقه أخروي ، حيث يحيل الدين أصحابه للعمل من أجل الحياة الآخرة اعتمادا على الاعتقادات والطقوس الدينية ، وهذا عكس اتجاه المنطق الذي يحيل أصحابه للعمل من أجل الحياة الدنيا اعتمادا على المقدمات والنتائج وعلاقات السببية بينهما .
* المنطق يقبل التشكيك ، والدين يرفض التشكيك ، حيث يعتمد المنطق على التفكير والشك والاستدلال والاستنباط والقياس وعدم التسليم بأي فرضية ، فالشك منطقيا أمر مقبول ، بل ومطلوب ، في حين يعتمد الدين على الإيمان والإيقان والتسليم بثوابت الدين والغيبيات ، فالشك دينيا أمر مرفوض ، بل ومذموم ناهيك عن أن كل محاولة التفكير النقدي والشك داخل الدين تهوي بصاحبها في غياهب الكفر والإلحاد والشرك والزندقة والهرطقة .
* المنطق يقبل النقاش ، والدين يرفض النقاش ، حيث يعتمد المنطق على الحوار والمناقشة والتفكير والجدال ، حيث يكون للمنطق بعد عرضي يفترض وجود حجج يتم طرحها وتبادلها وتفنيدها بين شخصين على نفس المستوى , في حين يعتمد الدين على أوامر ونواهي يجب أن يؤمن بها الشخص المؤمن وينفذها دون مناقشة ودون تفكير ودون جدال ، حيث يكون للدين بعد طولي يحتم وجود أوامر ونواهي عليا تنزل من السماء على شخص يعيش على الأرض فينفذها دون مناقشة ، فإذا حان وقت الصلاة يذهب الشخص المتدين ليصلي مع جماعة المصلين ، وإذا حان موعد الصيام يذهب الشخص المتدين ليصوم مثل جماعة الصائمين ، ولا يوجد مجال لأن يسأل الشخص المتدين نفسه أو غيره بقوله : " لماذا أصلي؟ " أو " لماذا أصوم ؟ "
* المنطق يرفض المغالطات المنطقية ، والدين يقبل المغالطات المنطقية ، حيث يرفض المنطق المغالطات المنطقية كأدلة على الإثبات أو النفي ، ويعتبر المغالطات المنطقية أدلة باطلة وخاطئة ومعيبة ولكنها تظهر بمظهر الأدلة الصحيحة لذلك يجب تفنيدها ودحضها وعدم قبولها في الحوار أو الطرح ، فلا يصح أن يقتنع الشخص بشيء لم يدركه اعتمادا على قوة أو سلطة معينة يخشاها الشخص بسبب عدم إيمانه بفكرة دينية معينة ، ولا يجوز أن يقتنع الشخص بفكرة اعتمادا على الطعن في الشخص المطلوب منه الاقتناع بالفكرة .
في حين يعتمد الدين على المغالطات المنطقية كأدلة للترهيب والترغيب ، عليك أن تؤمن بكذا وإلا سيتم تطليقك من زوجتك وسجنك وبعد أن تموت ستُلقى في الجحيم ( مغالطة الاحتكام للقوة أو السلطة ) ، أو أسلوب أنت لا تؤمن بكذا لأنك فاسد وضال وزنديق وهرطيق ( مغالطة الشخصنة ) حيث تقبيح الآخر لمجرد أنه يختلف معك في الدين أو المذهب الديني أو رأي داخل المذهب الديني .
* المنطق يوجه أتباعه نحو تفنيد القصص الدينية ، والدين يرغم أتباعه على تصديق القصص الدينية ، حيث يعتمد الدين على تصديق القصص والأخبار من باب الإيمان بوجودها والتسليم بصحتها ، في حين يعتمد المنطق على تحليل وتفنيد ونقد القصص والأخبار ، ومدى ترابط أحداثها والعلاقات داخلها من حيث الزمان والمكان والأشخاص والأسباب والموضوع .
* المنطق يوافق الطبيعة ، والدين يخرق الطبيعة ، حيث يعتمد المنطق على القصص والأحداث الواقعية التي هي تخضع لقوانين الطبيعة ، في حين يعتمد الدين على المعجزات والكرامات اللي هي أوامر خارقة للطبيعة ، فلا يجوز أن تكون المعجزة منطقية لأنها لو كانت منطقية لصارت حدث طبيعي واقعي عادي ، فلا يصح أن أقول أن مولانا فلان الفلاني كان يذهب إلى عمله صباحا بعد أن يتناول وجبة الإفطار ، وكان ينام على سريره ليلا بعد أن يتناول وجبة العشاء ، هذه قصة بشرية روتينية عادية مملة جدا خالية من الغرائب والمعجزات .
لكن يصح أن أقول أن مولانا فلان الفلاني كان يذهب إلى عمله صباحا وهو يركب سجادة طائرة ، ويعود ليلا ليأكل وجبة سجق لأن لديه خادم من العالم الغيبي يُحضر له طاسة سجق مقلي بشكل يومي ، هذه قصة غيبية شيقة مثيرة للكثير من التساؤلات : ما شكل الخادم الذي ينتمي للعالم الغيببي ؟ ، من أين يأتي بالسجق المقلي ؟ ، وأين يقوم بطهيه ؟ .
ما خطورة ربط المنطق بالدين ؟
يترتب على ربط الدين بالمنطق عدة نتائج من أهمها ما يلي :
- خلط الأمور الفلسفية بالأمور الدينية .
- اخضاع معتقدات ونصوص وطقوس وقصص الدين لقواعد المنطق الصارمة .
سؤال فرعي : هل من الممكن أن يقف المنطق ضد الدين ؟
نعم ، وذلك إذا تم اخضاع الدين للمنطق ، مما يؤدي إلى تفنيد ونقد المعتقدات والطقوس والقصص الدينية ، بالشكل الذي يُزعج المتمسك بثوابت الدين ، ويُبهج المُشكك في ثوابت الدين .
هل حقا حذر رجال الدين من تعلم علم المنطق ؟
نعم ، حذر كبار رجال الدين من التعمق في دراسة المنطق بالشكل الذي يهمش المعتقدات الدينية لدى الفرد مع الوقت
سؤال فرعي : هل حقا حذر رجال الدين المسلمين من تعلم علم المنطق ؟
نعم ، على سبيل المثال أذكر الشواهد الآتية :
هناك حديثان شريفان مفادهما :
يقول شيخ الإسلام ابن تيمية عن علم المنطق : " ما زال علماء المسلمين وأئمة الدين يذمونه ويذمون أهله ، وينهون عنه وعن أهله "
يقول الإمام ابن الصلاح عن علم المنطق : " وأما المنطق فهو مدخل الفلسفة ، ومدخل الشر شر، وليس الاشتغال بتعليمه وتعلمه مما أباحه الشارع ، ولا استباحه أحد من الصحابة والتابعين "
ويقول الإمام السيوطي صراحةً : " فن المنطق فن خبيث مذموم ، يحرم الاشتغال به ."
و قد أشار الفقهاء المسلمون إلى وجود كتاب فقه عنوانه " نصيحة المسلم المشفق لمن ابتلي بحب علم المنطق " ، حيث ينصح مؤلف الكتاب هذا القاريء بأن يتجنب الوقوع في حب المنطق ! .
سؤال فرعي : هل حقا حذر رجال الدين المسيحيين من تعلم علم المنطق ؟
نعم ، وتكفلت الكثير من كتب رجال الدين المسيحيين بالرد على :
- مدارس النقد والتشكيك في الكتاب المقدس .
- أقوال وكتابات الفلاسفة المهرطقين على حد أوصافهم .
أمثلة وتطبيقات
- قول بولس الرسول : " اُنْظُرُوا أَنْ لاَ يَكُونَ أَحَدٌ يَسْبِيكُمْ بِالْفَلْسَفَةِ وَبِغُرُورٍ بَاطِل ، حَسَبَ تَقْلِيدِ النَّاسِ ، حَسَبَ أَرْكَانِ الْعَالَمِ ، وَلَيْسَ حَسَبَ الْمَسِيحِ. "( رسالة بولس الرسول إلى أهل كولوسي 2: 8 )
- رفض الكنائس القديمة خلط الفلسفات اليونانية بالديانة المسيحية ، ورفض الفكر الفلسفي الغنوصي المسيحي .
- كتاب الأمانة في التعليم - للمؤلف أنطون فهمي جورج - ط1 - كنيسة مارمرقس والبابا بطرس - الإسكندرية - 1991 م ، المخصص للرد على البدع والشبهات والذي وصف الفلسفات بأنها بدع مقنعة تفسد الإيمان المسيحي .