مدونة قانونية متخصصة هدفها خدمة وتطوير المجال القانوني في الوطن العربي

أحدث الموضوعات

الجمعة، 12 يناير 2024

صحوة الموت بين الفقه الإسلامي والقانون المدني المصري

 مفهوم صحوة الموت  :

صحوة الموت أو سكرة الموت هي الصحوة الأخيرة قبل الوفاة 

علامات صحوة الموت  :

هي علامة ومقدمة للموت ، وغالبا ما ترتبط بحالة تعافي الإنسان وامتثاله للشفاء من المرض ، وقد يشعر المحتضر ياقتراب أجله ويبدأ في توديع أهله ، أو زيارة أماكن يحب زيارتها ، أو تناول أطعمة ومشروبات يحب تناولها ، أو يكثر من النوم ، وقد يوصي المحتضر في تلك الفترة بوصية معينة ، أو يخبر أهله عن شيء معين ، أو يطلب أن يرى شخصا يشتاق إليه . 

وقت صحوة الموت : 

تكون غالبا خلال  الأربعين يوما الأخيرة من حياة المحتضر 

التحليل العلمي لصحوة الموت :

لا يوجد تعليل أو تحليل علمي مؤكد لهذه الظاهرة

إشارات أدبية لصحوة الموت :

أشار العندليب الأسمر عبد الحليم حافظ إلى صحوة الموت في أغنيته الشهيرة  " لست قلبي " من كلمات الشاعر المبدع " كامل الشناوي " ، وهناك كتاب " صحوة الموت " للمؤلف " عبد العظيم حماد 

هل التصرفات التي تصدر من المريض خلال صحوة الموت تعتبر صحيحة ونافذة ؟

لا يتناول الفقه مصطلح " صحوة الموت " ، بل يتناول مصطلحا أعم وأشمل وهو مصطلح " مرض الموت " ، بوصفه داءً معجزاَ يعجز  الرجل عن القيام بمصالحه خارج بيته, ويعجز المرأة عن القيام بمصالحها داخل بيتها ، ويغلب فيه الهلاك ويتصل به الموت . 

ذهب الفقهاء المسلمون إلى الحد من تصرفات المريض خلال مرض الموت حفاظا على الحقوق المالية لورثته 

بالنسبة لمجالات الأحوال الشخصية :

بالنسبة للزواج

رأي جمهور الفقهاء المسلمين : صحيح ونافذ ومرتب لكافة آثاره القانونية ، ويرى المالكية فساد عقد الزواج أثناء مرض الموت لأنه يضيف إلى الورثة وريثا جديدا ، ويرى الإمامية بطلان عقد الزواج أثناء مرض الموت إذا مات الزوج قبل دخوله بزوجته .

رأي دار الإفتاء المصرية : أنه زواج صحيح ونافذ ومرتب لكافة آثاره القانونية . 

موصى به : 

دراسة بعنوان : زواج المريض مرض الموت في الفقه الإسلامي والقانون الوضعي

بالنسبة للطلاق 

 يقع صحيحا ونافذا ومرتبا لكافة آثاره القانونية ، ونميز هنا بين حالتين

 ويحق للمطلقة أن ترث في ماله إذا طلقها دون رغبتها ودون رضائها ، لأن تطليقه لها في فترة مرضه مرض الموت قرينة على سوء نيته في منع زوجته من الميراث منه ، وهذا ما يسمى فقهيا بمصطلح " طلاق الفار " وهو  " تطليق الزوج زوجته في مرض موته طلاقا بائنا بغير رضاها. بإيعاز من أبنائه وبناته، لحرمانها من الميراث " بحسب تعريف الشيخ رشيد بن عطا الله ، وهو أيضا " أن  يطلق الرجل في مرض الموت فرارا من الميراث أي حتى لا ترثه زوجته‏ " بحسب قاموس المعاني 

ولا يحق للمطلقة أن ترث في ماله إذا طلقها برغبتها وبرضائها ،لأن تطليقه لها في فترة مرضه مرض الموت قرينة على حسن نيته لأن زوجته هي التي منعت نفسها بنفسها عن الميراث منه .

بالنسبة للوصية  

تجوز في حدود الثلث ، تأسيسا على الحديث النبوي القائل :  " أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ دخل على الصحابي سعد بن أبي وقاص يعودُهُ وهو مريضٌ فقال : يا رسولَ اللهِ ألا أُوصي بمالي كلَّهُ ؟ قال : لا  ، قال : فبالشطرِ ، قال : لا قال : فبالثلثِ ، قال : الثلثُ ، والثلثُ كثيرٌ أو كبيرٌ " 

والوصية بثلث المال من الأمور الخيرة المستحبة على حد وصف الشيخ بن باز 

بالنسبة لمجالات القانون المدني:

بالنسبة للتصرفات بعوض 

   وهي التصرفات التي تقوم على مبادلة مال بمال مثل : البيع والشراء والإيجار : تكون صحيحة ونافذة

بالنسبة للتصرفات بدون عوض  

    وهي التصرفات التي تقوم على منح مال دون مال مثل : الهبات والتنازلات و التبرعات ( العطايا )  ، فيلاحظ أن التصرفات هذه تضر بالحقوق المالية للورثة في مال مورثهم ، من ثم يجب التفرقة بين أمرين بالنسبة لهذه التصرفات ، فلو  كانت 

خلال فترة صحوة الموت ( قبل الموت )  : تكون صحيحة ونافذة ، ومرتبة لكافة آثارها القانونية .  

مضافة إلى ما بعد الموت : تأخذ حكم الوصية أي لا تنفذ إلا في حدود الثلث ( مرجع

هناك رأي فقهي آخر  قسم الأمراض إلى :

مرض غير مخوف : احتمال أن يموت المريض بسببه مثل إصابته بوباء أو بتلف في جزء من جسده بالشكل الذي يجعل احتمالية الوفاة أقل من احتمالية الحياة بالنسبة له ، هنا تكون تصرفات المريض صحيحة ونافذة ، ومرتبة لكافة آثارها القانونية .  

مرض مخوف : غالبا ما سيموت المريض بسببه مثل السرطان ، بالشكل الذي يجعل احتمالية الوفاة أكثر من احتمالية الحياة بالنسبة له، هنا تأخذ تصرفات المريض حكم الوصية أي لا تنفذ إلا في حدود الثلث . 

مرجع آخر 

وبذلك الرأي أخذ  القانون المدني المصري رقم 131 لسنة 1948 م في ( المواد 916 و477و478 )  ، والتي جاء فيه 


"  مادة (٩١٦):

(١) كل عمل قانونى يصدر من شخص في مرض الموت ويكون مقصودا به التبرع، يعتبر تصرفا مضافا إلى ما بعد الموت، وتسري عليه أحكام الوصية أيا كانت التسمية التي تعطى لهذا التصرف.

(٢) وعلى ورثة من تصرف أن يثبتوا أن العمل القانونى قد صدر من مورثهم وهو في مرض الموت، ولهم إثبات ذلك بجميع الطرق، ولا يحتج على الورثة بتاريخ السند إذا لم يكن هذا التاريخ ثابتا.

(٣) وإذا أثبت الورثة أن التصرف صدر من مورثهم في مرض الموت، اعتبر التصرف صادرا على سبيل التبرع، ما لم يثبت من صدر له التصرف عكس ذلك. كل هذا ما لم توجد أحكام خاصة تخالفه."وبهذا أخذت محكمة النقض المصرية أيضا 

البيع في مرض الموت
مادة (٤٧٧):

(١) إذا باع المريض مرض الموت لوارث أو لغير وارث بثمن يقل عن قيمة المبيع وقت الموت فإن البيع يسرى في حق الورثة إذا كانت زيادة قيمة المبيع على الثمن لا تجاوز ثلث للتركة داخلا فيها المبيع ذاته.

(٢) أما إذا كانت هذه الزيادة تجاوز ثلث التركة فإن البيع فيما يجاوز الثلث لا يسرى في حق الورثة إلا إذا أقروه أو رد المشترى للتركة ما يفي بتكملة الثلثين.

(٣) ويسرى على بيع المريض مرض الموت أحكام المادة ٩١٦.

مادة (٤٧٨):

لا تسري أحكام المادة السابقة إضرارا بالغير حسن النية إذا كان هذا الغير قد كسب بعوض حقا عينيا على العين المبيعة. " 

دعوى بطلان عقد البيع بسبب مرض الموت :

   دعوى قضائية تقوم على أساس طعن أحد الورثة في عقد البيع الصوري الذي أبرمه البائع المريض مرض الموت لبيع مالا يملكه بثمن أقل وكأنه عقد هبة يأخذ شكل البيع بقصد إضرار الورثة كأن يبيع شخص منزل تبلغ قيمته 1 مليون جنيه إلى صديق له بمبلغ 5000 آلاف جنيها فقط ، هنا يبين للقاضي سوء نية البائع الذي يقصد الإضرار بورثته ، فيصدر حكمه القضائي بفسخ عقد البيع ( الفسخ القضائي للعقد ) .



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

Post Top Ad

Your Ad Spot
(code-box)