مدونة قانونية متخصصة هدفها خدمة وتطوير المجال القانوني في الوطن العربي

أحدث الموضوعات

الجمعة، 23 مايو 2025

الشريعة والتشريع

 مفهوم الشريعة بوجه عام 


مجموعة القوانين الدينية التي قال شخص ما أنها جاءت من عند الإله ، والشريعة هي قانون المجتمع القديم ، حيث كان الملوك والأباطرة يدعون أنهم تلقوا قانونا من الله في صورة وحي مقدس ، ومن ثم تتحقق المعادلة الرياضية الآتية :


 القاعدة القانونية = القاعدة الدينية = القاعدة الأخلاقية 


على سبيل المثال ادعى الملك " حمورابي " أنه تلقى شريعته " شريعة حمورابي " من الإله " شمش " إله الشمس في الحضارة البابلية القديمة ، وادعى أول ملوك الـ " مانو " أنه تلقى شريعته من الإله " براهما " إله الخلق عند الهندوس في الحضارة الهندية القديمة .

مفهوم الشريعة في الفقه الديني المسيحي

وفي الفقه الديني المسيحي تعتبر الشريعة كلمة واسعة فضفاضة تعبر عن القوانين الكونية والطبائع الإنسانية ، والقوانين التي أعطاها الله للنبي موسى ومنها ما هو مؤقت ومنها ما هو أزلى ، ومنها ما هو خاص باليهود ومنها ما هو خاص بالعالم أجمع.


مفهوم الشريعة في الفقه الديني الإسلامي 

 في الفقه الإسلامي تعتبر الشريعة هي " ما شرعه الله لعباده من عقائد وعبادات ومعاملات وأخلاق لتحقيق السعادة في الدنيا والآخرة " .


نتائج تطبيق الشريعة بوجه عام


 يترتب على تطبيق الشريعة بمعناها العام عدة نتائج من أهمها ما يلي :


* يترتب على مخالفة القاعدة القانونية عقوبات دنيوية وأخروية ، حيث أن مخالفة القانون تستتبع غضب الآلهة على المجتمع ، ومن ثم تجب معاقبة الإنسان المذنب بعقوبات وحشية حتى يتم تطهيره من الذنب بعد الانتقام منه لأجل إرضاء الآلهة .


* تسيد الكهنة " رجال الدين " داخل المجتمع بما يؤدي إلى تشكل حكومة دينية بشكل ظاهر أو مستتر ( الثيوقراطية ) ، وتحكم هذه الحكومة الشعب بإسم الملك أو السلطان أو الإمبراطور المفوض من الإله بما يحقق رغبات ومصالح الشخص الحاكم وذويه وبطانته وكهنته ، وغالبا ما تتسلط هذه الحكومة على جميع أنشطة المجتمع - باسم الدولة ومن منطلق التفويض الإلهي لهم - بما يؤدي إلى تخلف المجتمع بسبب : 


- احتكار الكهنة للمعرفة القانونية ، حيث ينفرد الكهنة دون غيرهم بحفظ القوانين وتبليغها للناس وتفسيرها لهم ، مما يؤدي إلى غلق أي باب للمناقشة أو النقد أو التعقيب أو التعليق على القوانين بالشكل الذي يترتب عليه جمود القواعد القانونية وعدم تطورها بتطور مجريات الأحداث .


- كثرة الشكليات الإجرائية والقانونية ، حيث يتفنن الكهنة في وضع الكثير من الشروط لزوم إتمام عمل واحد كاشتراط قول عبارة معينة أو آداء القسم قبل البدء في إجراء معين .


- خنق مجالات الآداب والعلوم والفنون ، وتبني سياسات وأساليب التجهيل ونشر العلوم الزائفة الكاذبة  ، وبث الخرافات والأساطير  والشائعات والتفاهات بالشكل الذي يسطح عقول الناس و يصرفهم عما ينفعهم في دنياهم من مجالات الآداب والعلوم والفنون إلى سوء الخلق والجهل والتعصب والهمجية والتفاهة والبلطجة والتغييب والتسطيح ..إلخ ، هذا كله بجانب ترييف المدن بشكل عشوائي خاطيء حيث تتدهور المدن  - مدنيا وإداريا - بما يدمر معالمها الأساسية وطبائع الحياة داخلها ، ومع الوقت تزداد المدن عشوائية وزحاما وقبحا  .


- اغتيال الأدباء والعلماء والفنانين  معنويا وماديا .


- قمع الحقوق والحريات الإنسانية بل والحيوانية والبيئية .


 وذلك كله يتم باسم إعمال الشريعة وإرضاء الإله ! . 


* وجود جرائم دينية معاقب عليها بعقوبات وحشية قد تصل إلى التعذيب أو الإعدام مثل جرائم إزدراء الآلهة أو التجديف على الإله أو عبادة معبود آخر غير المعبودات الرسمية المقررة داخل المجتمع .


 مفهوم التشريع بوجه عام 


مجموعة القوانين المدنية التي يضعها مجموعة أشخاص في مجتمع معين خلال فترة زمنية معينة ، والتشريع هو قانون المجتمع الحديث ، حيث يصدر القانون بعد سنه ومناقشته من العلماء المتخصصين وإقراره بمجلس الشعب " البرلمان " ثم نشره بالجريدة الرسمية للدولة لضمان إعماله داخل الدولة . 


وفي فلسفة التشريع تنفصل القاعدة القانونية عن القاعدة الدينية , وغالبا ما تنفصل أيضا عن القاعدة الأخلاقية .


نتائج تطبيق التشريع بوجه عام 


يترتب على تطبيق التشريع بمعناه العام عدة نتائج من أهمها ما يلي :


* يترتب على مخالفة القاعدة القانونية عقوبات دنيوية فقط دون ذكر للعقوبات الأخروية ، حيث أن مخالفة القانون لا تستتبع غضب الآلهة على المجتمع ، ومن ثم يعاقب الإنسان المذنب بعقوبات إنسانية حتى يتم تهذيبه وإصلاحه ثم إعادة دمجه كشخص صالح داخل المجتمع من جديد . 


* تقهقر المراكز الاجتماعية للكهنة " رجال الدين " داخل المجتمع بما يؤدي إلى تشكل حكومة مدنية ( العلمانية ) تحكم الشعب باسمه وبإرادته بما يحقق مصالح كل فرد من أفراده ، وغالبا ما تنظم هذه الحكومة  جميع أنشطة المجتمع بما يؤدي إلى تقدم المجتمع بسبب : 


- إتاحة المعرفة القانونية للعامة ، حيث يتاح لأي شخص الاحتفاظ بنسخة من القانون ، وتُفتح أبواب ومنافذ مناقشة القوانين ونقدها والتعقيب والتعليق عليها  بالشكل الذي يترتب عليه تطور القواعد القانونية بتطور مجريات الأحداث .


- تقليل الشكليات الإجرائية والقانونية ، حيث يتفنن المجتمع العلماني في إزالة  الكثير من الشروط لزوم إتمام عمل قانوني أو قضائي كالاعتماد على نظم التعلم عن بعد أو إنجاز أغلب المعاملات الحكومية عن بعد وعبر الانترنت . 


- انعاش مجالات الآداب والعلوم والفنون ، وتبني سياسات وأساليب التعليم والتأديب ونشر العلوم الحقيقية الواقعية ، ومكافحة الخرافات والأساطير  والشائعات والتفاهات بالشكل الذي يثقل عقول الناس و يصرفهم عن سوء الخلق والجهل والتعصب والهمجية والتفاهة والبلطجة والتغييب والتسطيح إلى ما ينفعهم في دنياهم من مجالات الآداب والعلوم والفنون ، هذا كله بجانب تمدين الريف بشكل منهجي سليم حيث يتم تطوير الريف - مدنيا وإداريا - بما لا يدمر معالمه الأساسية وطبائع الحياة داخله ، ومع الوقت تزداد الأرياف تنظيما ورفاهية وجمالا .  


- تكريم الأدباء والعلماء والفنانين - معنويا وماديا - ومحاولة استثمارهم والاستفادة من جهودهم . 


- احترام الحقوق والحريات الإنسانية بل والحيوانية والبيئية .


* عدم وجود جرائم دينية معاقب عليها بعقوبات وحشية قد تصل إلى التعذيب أو الإعدام مثل جرائم إزدراء الآلهة أو التجديف على الإله أو عبادة معبود آخر غير المعبودات الرسمية المقررة داخل المجتمع ، بل يحق لأي شخص أن يعتنق الدين الذي يرغب في اعتناقه أو أن يظل بلا دين ( يعتقد في اللادينية ) ، بل ويظل من حق الشخص انتقاد الرموز والأفكار والمعتقدات الدينية تحت مسمى : 


- حرية الاعتقاد .


- حرية الانتقاد ، ويقصد بها حرية الرأي والتعبير على المستوى العلمي أو الأدبي أو الفني  ، حيث يمكن أن يسخر شخص من معتقد أو رمز ديني معين في بحثه العلمي أو روايته الأدبية أو فيلمه السينمائي أو برنامجه التلفزيوني دون الخوف من وجود سلطات دينية كهنوتية تصادر مصنفه الأدبي أو العلمي أو الفني وتحرك ضده دعوى ازدراء أديان تمهيدا لسجنه أو اعدامه بعد عزله من العمل وعن المجتمع  . 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

Post Top Ad

Your Ad Spot
(code-box)