ما مفهوم التفاهة ؟
التفاهة في قاموس المعاني هي كل ما لا قيمة ولا أهمية له ، هي التوجه نحو الأمور السطحية، الخفيفة، والمفرغة من القيمة الحقيقية، إذ تميل نحو اللاجدية وترك القضايا العميقة والموضوعات المهمة جانبًا لصالح ما هو سهل ومُستهلك وفقا لتعريف الدكتور حسام بدراوي .
ما طبيعة التفاهة ؟
* وصف لشيء أو أمر قليل القيمة أو لا قيمة له .
هل يمكن القول بأننا نعيش الآن في عصر التفاهة ؟
بكل أسف يمكن التسليم بذلك ، وبخاصة بعد انتهاء عصور الأدب الراقي ، وعصور الفن الجميل ، وعصور العلم النافع ، نحن الآن في أزهى عصور التفاهة .
ما خطورة التفاهة ؟
* أنظمة تستهدف تسطيح الأمور ، حيث تعمل التفاهة على تضخيم الأمور التافهة وتسطيح الأمور الهامة جدا ، فتقرأ مثلا في صحيفة أن سمانة رجل الراقصة فلانة التوت في فرح أمس مما أثر على نفسيتها بالسلب ومن ثم لم تنزل للعمل في اليوم التالي إلا متأخرا وهي الآن ولله الحمد في حالة نفسية وجسدية جيدة ، و في الوقت نفسه لا تقرأ في تلك الصحيفة خبر مهم يتعلق بإنجاز أو علمي أو أدبي أو فني ومدى الاستفادة الشخصية والمجتمعية من ذلك الإنجاز .
* آفات تستهدف تسطيح العقول ، حيث تعمل التفاهة على برمجة عقول الجماهير على الالتفات إلى توافه الأمور بقصد التفاعل معها ، وعدم الالتفات إلى عظائم الأمور بقصد التخلي عنها ، فمثلا : خبر انفصال الراقصة ش عن زوجها المطرب س أهم بكثير من خبر اختراع العالم مصل أو علاج يساهم في انقاذ حياة الملايين ؟ ، وهذا أسلوب إعلامي رديء يستخدم لتوجيه أو تضليل الرأي العام أو التأثير في الرأي العام نحو حدث أو أمر معين وربما إعادة تشكيل وتأطير اهتمامات الناس ، فقد تجد أحدهم منشغل عن شئون حياته وبيته بينما ينشغل جدا بشئون منزل لاعب كرة القدم محمد صلاح ! ، وربما وجدت من تنشغل عن أطفالها بسبب متابعة محادثة تافهة على تطبيق واتساب ! ، وقد تجد شخصا ما منفعلا جدا ليس بسبب رسوب ابنه في امتحان الرياضيات ولكن بسبب خسارة فريق الأهلي ماتش النهائي .
أمثلة :
اذكر عنوان بحث للدكتور أحمد زويل ؟
اذكر اسهام علمي واحد للعالم على مصطفى مشرفة ؟
من هي مؤلفة رواية " الجريمة النائمة " ؟
( الإجابة صعبة )
من الذي تغنى بمهرجان " بنت الجيران شغلالي أنا عنيا " ؟
من هو لاعب كرة القدم الذي لقبوه بلقب " إرهابي القلوب " ؟
من هو المطرب الذي يبدأ اسمه بحرف ( ح ) وقد انفصل عن المطربة " شيرين عبد الوهاب " وحدثت بينهما مشاكل عدة ؟
( الإجابة سهلة )
* أسلوب تهديري ، حيث أنه يعمل على تضييع الأموال والأوقات والجهود فيما لا يجدي ولا يُثمر ، تخيل أن فيلما تافها مبتذلا فاشلا تكلفت قيمته مليون دولار ؟! ، ألم يكن من الأفضل لو وضعنا المليون دولار في بناء مدرسة أو مستشفى ؟ ، تخيل أن شخصا ما صرف راتبه الشهري على شراء حلوى و أشياء كمالية غير هامة بدلا من أي يشترى وجبات حقيقية يأكلها طوال الشهر مثلا ويسدد مبلغ الإيجار الشهري الذي يدفعه شهريا ، هل سبق وأن اشتريت شيئا لا قيمة له عندك ؟ أو بدا أنك لم تكن تحتاج إلى شرائه أصلأ ؟ ، إنها الإعلانات التجارية والماركات العالمية التي تقودنا نحو السفه.
سؤال فرعي : كيف يمكن أن تكون التفاهة سلاح تدميري شخصي ضد الفرد ؟
* سلاح تدميري شخصي خفي ، حيث أن العقل الذي يتغذى على تفاهات يتسطح ويُشتت ، و ينحدر صاحبه إنسانيا ووجدانيا وحضاريا على المدى البعيد ، على عكس العقل الذي يتغذى على منتجات راقية تنتمي إلى عوالم الآداب والعلوم والفنون ، فيتعمق ويُنظم ، ومن ثم يرتقى صاحبه إنسانيا ووجدانيا وحضاريا على المدى القريب .
سؤال فرعي : كيف يمكن أن تكون التفاهة سلاح تدميري جماعي ضد المجتمع ؟
* سلاح تدميري جماعي خفي يدمر المجتمع من خلال تدميره لمجالات الآداب والعلوم والفنون والرياضة ، والتي تحتاج للتميز فيها قدر كبير جدا من الفهم والتعمق و الدراسات العلمية والممارسات العملية ، بعكس التفاهة التي لا تحتاج إلى أي شيء سوى الهبد ! ، وتبدأ الكارثة من حيث يغتني ويعلو الشخص التافه الجاهل الهباد المحسوب بالخطأ على مجالات الآداب والعلوم والفنون والرياضة ، في حين يفتقر و يُحتقر الشخص ذو القيمة العلمية أو الأدبية أو الفنية أو الرياضية .
سؤال ثانوي : هل حقا تدمر التفاهة مجالات الآداب والعلوم والفنون ؟
ليس هذا فحسب ، التفاهة أيضا تدمر المصطلحات العلمية والفنية والأدبية وتعمل على تجهيل الناس ونشر الخرافات والشائعات بينهم وتقديم وتسويق وترويج العلوم الزائفة الكاذبة لهم ، وبل وتعمل على دعم تبلد المشاعر والتنطع والتكاسل والتحامق ، و تأجيج نيران التمزق و التحزب والتمذهب والتصارع والتطرف والعنصرية ، وهذه النيران تلتهم للأسف ما هو ومن هو قيم في المجتمع ، أيضا قد تساهم التفاهة في حدوث أمراض نفسية وجسدية مثل : الاكتئاب والإحباط وأمراض السمنة و الضغط والسكر بشكل غير مباشر .
أسئلة :
* هل شاهدت آثار تشاجر وتكسير في شارع او ملعب بسبب الانفعال بعد هزيمة فريق نادي معين في مباراة كرة قدم ؟
* هل سمعت عن شخص جرائم بشعة ( قد تصل نتائجها الإجرامية إلى القتل أو السرقة ) حدثت لأسباب تافهة ؟!
* هل شاهدت شخصا تافها لا يقدم أي شيء ولا يستحق أي شيء ومع ذلك يحقق أرباحا طائلة من تطبيق التيك توك ؟
* هل شاهدت ممثلا أو ممثلة اكتفوا بمجالسهم على تطبيق تيك توك بدلا من المشاركة في تقديم أعمال فنية تمثيلية راقية ؟
تخيل أن :
منصة تيك توك تقول عن الشخص الذي يبث بثا مباشرا عليها حين يوقف البث : " سيعود المبدع بعد قليل " هل هذا الشخص مبدع حقا ؟
سؤال فرعي : كيف يمكن أن تكون التفاهة خطية دينية ؟
* خطية دينية أو ذنب ديني ، لأنه تؤذي الإنسان والمجتمع ، وتشغل الإنسان عن علاقته الحسنة بالله وبالآخرين .
سؤال ثانوي : هل حقا يرفض الدين الإسلامي التفاهة ؟
من المنظور الإسلامي يكره الله سفاسف الأمور ، ويأمر المؤمنين بالإعراض عن اللهو واللغو ( سورة المؤمنون : الآية 3 ) ( سورة الفرقان : الآية 72 ) ( سورة القصص : الآية 55 )
سؤال ثانوي : هل حقا يرفض الكتاب المقدس التفاهة ؟
نعم يرفض الكتاب المقدس - بعهديه القديم والجديد - التفاهة ، ومن الشواهد الكتابية التي تؤكد ذلك :
ما موقف العهد القديم ( التوراة ) من التفاهة ؟
يرفض العهد القديم التفاهة كما يبين في النصوص التوراتية الآتية :
ما موقف العهد الجديد ( الإنجيل ) من التفاهة ؟
يرفض العهد الجديد التفاهة كما يبين في الآيات الإنجيلية الآتية :
استنكار
يقول أحدهم :
من غير ما اتمرن أنا أول جمهورية .
وفي ذلك المعنى أنانية وتفاخر وتكبر غير عادي بالإضافة إلى تقليل واضح من قيمة وأهمية الرياضة .
ويقول أيضا :
وشك دواسة أدوس تكرر .
أي معنى لازدراء الكرامة الإنسانية بقول شخص لآخر بأنه سيدوس على وجهه ، هل يصح أن يوصف وجه إنسان بدواسة ( مكان أو موضع الدهس أو الدوس ) .
ما المقصود بقانون باركنسون للتفاهة ؟
Parkinson's law of triviality
الوقت الذي نمضيه في التفكير في أمر ما ، يتناسب عكسيا مع أهميته
أي أننا
كثيرا ما نتحدث عن وفي الأمور التافهة ، لأننا نفهمها جيدا .
و قليلا ما نتحدث عن وفي الأمور العميقة ، لأننا لا نفهمها جيدا .
مثال :
قد تمضي لجنة ما 3 دقائق في التفكير حول الموافقة على بناء مفاعل نووي ، ومن ثم تمضي 45 دقيقة في الموافقة على بناء جراج للدراجات.
من هم المستفيدون من التفاهة ؟
- من يستغلها ماديا أو ماليا فيتربح منها مثل :
* صناع المحتويات الإعلامية والالكترونية التافهة التي لا تقدم أي شيء ومع ذلك يتربحون منها ابتداءً بالمؤلفين انتهاءً بالمنتجين والناشرين .
* المعلنون الذين يستغلون جماهيرية الشخص التافه في سبيل ترويج إعلاناتهم التجارية .
* الصحف الصفراء المنسوبة بالخطأ على مجال الصحافة .
* النصابون والدجالون ممن يدعون شيء معين من أجل تحقيق ربح مادي عن طريق استغفال واستغلال الناس ، و استحلال أموالهم ، هل سمعت عن ذلك الدواء الذي يعالج الإمساك والإسهال معا ؟ ، هل تناولت تلك الأعشاب التي تعمل على علاج النحافة والسمنة في وقت واحد ؟ ، ما رأيك في أن تستثمر أموالك في شراء قطعة أرض زراعية في جنوب كوكب عطارد ؟
- من يستغلها معنويا أو أدبيا من أجل تحقيق هدف معين مثل :
* رجال السياسة الذين يستفيدون من ترويج الموضوعات التافهة لإلهاء الرأي العام عن أزمات ومشكلات سياسية واقتصادية داخل المجتمع ، وهذا ما يسمى بأساليب تفتيت وتشتيت الرأي العام .
* الأشخاص المزورون ( من يدعون كذبا العلم أو الأدب أو الثقافة ) ، والذين يستفيدون من التفاهة في تحقيق الشهرة لهم ، والحصول على فرص إعلامية في الجهات الإعلامية المتردية ، وبكل أسف هناك رجال دين يركبون التريند ويتحدثون في موضوعات تافهة بل ويربطون هذه الموضوعات بالدين بقصد الوصول إلى الشهرة مما يسيء إليهم سابقا بشكل مباشر ثم يسيء إلى الدين لاحقا بشكل غير مباشر .
هل من الممكن مكافحة التفاهة ؟
نعم ، يمكن مكافحة التفاهة على الأصعدة العلمية والأدبية والفنية والاجتماعية والأمنية والقانونية والدينية من خلال سياسات وأساليب تعزيز الأمن الفكري مثل :
* الدعم المعنوي والمادي للمحتويات والمنظومات الأدبية والعلمية والفنية الجيدة ، والاستثمار فيها .
* سن تشريعات لمكافحة الدجل والنصب ومكافحة الشائعات ، وتنفيذ هذه التشريعات من خلال الجهات القضائية والشرطية .
* تفنيد ونقد محتويات ومنظومات التفاهة ، وكشفها ، وفضحها ، وتوعية الناس بخطورتها ، ووجوب اتخاذ مواقف اجتماعية ايجابية ضدها مثل : عدم متابعة أعمال الشخص التافه ، وعدم الاشتراك في صفحته ، و صناعة محتوى جيد وممتع ومدعوم ضد المحتوى التافه .
* المكافحة الالكترونية للمحتويات والمنظومات التافهة ، وذلك عن طريق توعية الناس بخطورتها ، وأهمية الإبلاغ عنها تمهيدا لتقييدها ، أو إزالتها ، أو اضعافها بعد قطع سبل الإمداد المادي والمعنوي عنها .
