أولا : مفهوم / تعريف الأدب
لا يوجد تعريف محدد أو مُتفق عليه في الأدب , ولكن يمكن القول بأنه :
أحد أشكال التعبير الإنساني عن عواطف وأفكار وخواطر وهواجس الإنسان بوصفه تجربة شعورية حسية إنسانية , وكأن الأدب عملية تحويل الأفكار والمشاعر الإنسانية إلى كلمات وعبارات لفظية .
أو هو تعبير نصي إنشائي عن ثالوث مكون من : الإنسان والزمان والمكان
لذلك يقول الكاتب والناقد الإنجليزي وليم هازلت :
" أدب أي أمة هو الصورة الصادقة التي تنعكس عليها أفكارها."
الكاتب الانجليزي وليم هازلت |
الأدب عند العرب :
بمعنى الدعوة إلى المأدبة ( مكان تناول الطعام ) , وفي ذلك التصور :
- معنى حقيقي / مادي : دعوة إلى الطعام والإكرام .
وقد تأصل ذلك المعنى قبل ظهور الإسلام من خلال عادات العرب وأعرافهم .
- معنى مجازي / معنوي : دعوة إلى العلوم والأخلاق .
وقد تأصل ذلك المعنى بعد ظهور الإسلام من خلال الحديث النبوي الشريف :
" أدبني ربّي فأحسن تأديبي"،
لذلك قيل :
" الطَّعَامَ يُغذِّي الأبْدانَ ؛ والأدَبَ يُغذِّي الوِجْدانَ".
إذن : الأدب طعام الفكر عند العرب فهو يمتع العقل ويغذيه ويقويّه
لذلك : رجال الأدب هم رجال الفكر .
وفي ذلك يقول سليمان الحكيم :
" الجاهل يحتقر الحكمة , والجائع يحتقر الأدب "
وهو أيضا :
- رياضة النفس :- على ما يستحسن من سيرة وخلق.
- تعليم الرأس :- برواية الشعر والقصص والأخبار والأنساب.
- الكلام الجيد البليغ من النظم والنثر وما اتصل بهما ليفسرهما وينقدهما من خلال العلوم اللغوية المختلفة كالنحو والبلاغة وما شابه ذلك .
ثانيا : حدود أو نطاق الأدب
الأدب لا حدود له , فلا يحده لا زمان ولا مكان ولا شخص ولا مؤسسة , ووفقاَ لكتب الأدب - المحلية والعالمية - يكون له حدان أساسيان أو صورتان أساسيتان :
أبسط صور الأدب معناه الحرفي :
معرفة أو تعلم القراءة والكتابة.
أعقد صور الأدب معناه الاحترافي :
إجادة أو احتراف القراءة والكتابة .
ثالثا : أهم أبعاد الأدب
1) بُعد إنساني : يتعلق بالبشر وظروفهم وأحوالهم .
2) بُعد إجتماعي : يتعلق بالمجتمع ولغته وتاريخه ودياناته ومذاهبه وظروفه كالظروف السياسية والإقتصادية ومدى تحضره ( اهتمامه بالآداب والعلوم والفنون ) لذلك يوجد : أدب إنجليزي وأدب فرنسي وأدب أسباني وأدب عربي ويوجد أيضاً : أدب قديم وأدب معاصر , وأدب محلي وأدب عالمي , وأدب سياسي وأدب قانوني وأدب تاريخي وهكذا.
3) بُعد زماني : يتعلق بالحقبة الزمنية التي يمر بها المجتمع خلال عصر معين .
لذلك يُقال : الأدب العباسي تعبيراَ عن صنوف الأدب في العصر العباسي , والأدب الأموي تعبيراَ عن صنوف الأدب في العصر الأموي .
4) بُعد مكاني : يتعلق بالحيز الجغرافي الذي يسكنه المجتمع .
رابعا : طبيعة / جوهر الأدب
هو علم جليل وفن جميل , علم بالأصول اللغوية والثقافية , وفن لأنه يتعلق بموهبة الأديب وحرفيته , لذلك يُسمى الأدب بـ فن القول أو فن الكتابة أو فن التعبير بالكلمة الساحرة , أو ثمار القراءة والإطلاع والكتابة .
ويعتبر الأدب تُراث إنساني حضاري دائم لذلك يُقال :
" التوفيق خير قائد، وحسن الخلق خير قرين ، والعقل خير صاحب ، والأدب خير ميراث. "
وفي ذلك يقول الأديب " إسحاق سينجر " :
" الأدب هو ذاكرة البشرية "
خامسا : عُدَّة الأديب
: موهبةٌ أصيلة، وثقافة رفيعة، وتفكير حصيف، وحسّ مرهف، وخيال مبدع، ولغة سليمة، وعبارة رشيقة، وأسلوب طليّ.
سادسا : أهداف / أهمية الأدب
خدمة وتطوير الإنسان والمجتمع عن طريق :
1) الإمتاع .
2) التنفيس عن الذات ( العلاج بالكتابة ) .
3) التعليم , وقديما قيل عن المُعلم " مؤدّب " لإرتباط التربية بالتعليم , ويصف " ابن خلدون " الأدب بأنه " الأخذ من كل علمٍ بطرف".
4) التثقيف بالعلوم والمعارف المختلفة , وهذا ما يُسمى بـ الثقافة الأدبية / التبحر .
5) التهذيب من خلال تربية الصغار والكبار على التمسك بالأخلاق والمباديء السامية ووصايا وتعاليم الأديان , لذلك يُقال عن غير المُهذب " قليل الأدب " أو "عديم الرباية " أو " أهله ما عرفوش يربوه " أو " فلان علّم فلان الأدب " , ومن ذلك أيضاً : " مجلس التأديب " أو " المحكمة التأديبية " لتهذيب الموظفين وأعضاء هيئة التدريس وإرشادهم نحو الإلتزام بالسلوكيات الإدارية والعلمية والأخلاقية القويمة .
6) تنمية الوجدان الحسي والخيال الإبداعي الإنساني , وفي ذلك يقول الأديب جوزيف جوبيرت : " الذوق هو الضمير الأدبي للروح " , ويقول أيضاً الأديب " باري هانا " : " الأدب هو تاريخ الروح " .
7) إظهار وتحليل ونقد الأخطاء والعيوب على المستويين الفردي والاجتماعي .
8) علاج وإصلاح الأخطاء والعيوب على المستويين الفردي والاجتماعي.
سابعا : أقسام الأدب
أ) عند العرب :
1) شعر : كلام مقفى ( موزون ) أو حر.
2) نثر : كتابة غير شعرية , لا تلتزم بأي هياكل خاصة = الكتابة البسيطة .
ب) عند الغرب :
1) تخييل ( أدب الخيال ويوازي عند العرب أدب المجاز ) : كالرواية والقصة القصيرة والدراما والشعر والمسرح.
2) تحليل ( أدب الواقع أو أدب الحقيقة ) : كالمقالة والسيرة والنقد بأنواعه كالنقد الأدبي والسياسي والاجتماعي .
ثامناً : من أبرز ما قيل عن الأدب
قول الأديب علاء الأسواني :
" إن الأدب يؤدي إلي تغيير إنساني يجعل الإنسان أكثر رقيا وأكثر رحابة ويعمل علي زيادة معرفة النفس البشرية ، كما يجعل الإنسان يفهم الآخرين قبل الحكم عليهم "
مثل صيني :
" زينة الرجل الأدب , و زينة المرأة الذهب "
مثل إيطالي :
" الأدب مال , واستعماله كمال "
قول فيكتور هوجو :
" دوام الحب في مراعاة الأدب "
قول الأحنف بن قيس :
الأدب نور العقل ""
قول إبن بطوطة :
الفضل بالعقل والأدب لا بالأصل والحسب ""
قول خيري شلبي :
" سر النجاح هو الأدب حتى لو كان أدباً مزيفاً لا أصل له ولا فصل ! ."
قول عباس محمود العقاد :
" الأدب قيمة إنسانية وليس قيمة لفظية "
قول الخليل بن أحمد الفراهيدي :
من لم يكتسب بالأدب مالاً , اكتسب له جمالاً " . "
الأدب والقانون
يحتاج القانون إلى الأدب ، فالقانون بمعناه النظري نص مكتوب ، وبمعناه العملي أسلوب كلام ، لذلك يمثل الأدب القاطرة التي تنقل القانون أو الوعاء الذي يحمل القانون من شخص لآخر ، ومن زمان لآخر ، ومن مكان لآخر ، أيضا يحتاج الأدب إلى القانون في معالجات الدراما الأدبي واستحضار العدالة ومعاقبة المخطئ ومكافأة المُصيب ، ويتلاقى الأدب مع القانون في عدة محاور من أهمها :
- مرافعات المحامين ، وهذا ما أكده عميد الأدب العربي د. طه حسين - رحمه الله - في مقاله بين الأدب والقانون.
- مناقشات وكتابات القضاة ، وفي ذلك يقول المستشار وحيد رأفت : " إن إحاطة القاضى باللغة والأدب وفن البيان والتعبير أمر لازم لزوم تمكنه من القانون ذاته……. وتحرير الأحكام القضائية فن لا يبلغ تمامه ما لم يكن لدى القاضى حصيلة كافية من الكلمات والمترادفات تسعفه باللفظ الذى يواتى المعنى المنشود دون زيادة أو نقصان " ، وهذا هو موضوع الأدب القضائي
- كتابة وإثبات وتحليل النماذج القانونية ، ومن أهمها : المذكرات والأحكام والقرارات واللوائح والعقود والمحاضر والوثائق والاتفاقات القانونية .
- صياغة المواد القانونية ، مثل نصوص الدساتير والتشريعات واللوائح والقرارات الإدارية .
- صياغة وتحليل الوقائع المادية ، وذلك بترتيب الموضوع و الزمان والمكان والأشخاص والأسباب ، واستعمال الخيال الإنساني الإبداعي في تركيب صورة أدبية واقعية صحيحة عن الموضوع محل الدراسة ، فالجريمة مثلاً تتكون من :
القانون الأدب
سلوك إجرامي فعل
مجرم / الجاني فاعل
مجني عليه المفعول به
الزمان ظرف الزمان
المكان ظرف المكان
حال الجاني / المجني عليه حال
صفة الجاني / المجني عليه نعت ومنعوت
أيضا الجريمة أو القضية أو المخالفة التأديبية عبارة عن قصة واقعية حدثت بالفعل ، وكل الأعمال القانونية يمكن أن تندرج تحت مسمى " الأدب القانوني " ، ولعل هذا ما أشار إليه الأديب / علاء الأسواني في كتابه مصر على دكة الاحتياطي واصفا حيثيات الحكم الصادر في قضية الشهيد / عمر أبو بكر.