اختلف الناس حول
مسألة وجود خانة الديانة في الوثائق الرسمية للناس
( مثل قسيمة الزواج – البطاقة الشخصية – بيانات الطلبة والباحثين ..) حيث تدل هذه الخانة على ديانة الشخص ، فإذا كان مسلما أو
مسيحيا ذُكر ذلك في وثيقته الرسمية الخاصة به :
وإذا كان بهائيا
يعيش في مصر يوضع في خانة الديانة ( - ) .
ويمكن تقسيم هذا
الاختلاف لاتجاهين أساسيين :
الاتجاه الأول : المؤيدون لإبقاء
خانة الديانة في الوثائق الرسمية .
الاتجاه الثاني : المؤيدون لإلغاء
خانة الديانة من الوثائق الرسمية.
وفيما يلي شرح موجز لكل اتجاه منهما
الاتجاه الأول : المؤيدون لإبقاء خانة الديانة في
الوثائق الرسمية
( وهم الغالبية من أصحاب التوجهات الدينية
والكهنوتية الرسمية غالبا )
يرى أصحاب هذا
الاتجاه وجوب ذكر خانة الديانة في الوثائق الرسمية
للشخص للدلالة على ديانته ، ومن ثم التعامل معه داخل الدولة على أساس ديانته ،
وذلك تأسيسا على الآتي :
* بالنسبة للمدارس والجامعات ، فمثلا لا يجوز للطالب المسلم الالتحاق بمؤسسات التعليم الديني المسيحي مثل : الكلية الإكليريكية ومدارس الأحد ، ولا يجوز
للطالب المسيحي الالتحاق بمؤسسات التعليم
الديني الاسلامي مثل : جامعة الأزهر والمراكز الإسلامية السلفية .
* بالنسبة للوظائف والمناصب الإدارية
والسياسية ، هناك وظائف ومناصب تُحدد على أساس الدين ، فلا يجوز
للشخص المسيحي مثلا أن يشغل وظيفة شيخ الجامع الأزهر ، أو وزير الأوقاف ، أو أن يكون مثلا إمام
وخطيب لدى جامع معين ، وهو ما عبر عنه الفقهاء المسلمون قديما بمبدأ " صلاحية تولية أهل الذمة للوظائف والمناصب التنفيذية
" عند بعض الفقهاء .
أيضا لا
يجوز في ظل وجود الدولة الإسلامية أن يترأس غير المسلم باقي المسلمين إعمالا لمبدأ
" لا ولاية لغير المسلم على المسلم " 1 ، 2 .
أيضا لا
يجوز للشخص المسلم تولي منصب ديني مسيحي كأن يصبح قس في كنيسة أو أن يجلس على
الكرسي البابوي فيصير مثلا بابا الأرثوذوكس في مصر أو أن يصبح بابا الفاتيكان في روما .
بالنسبة لمسائل الأحوال الشخصية ، تخضع
مسائل الأحوال الشخصية ( كالميراث والوقف والوصية ..إلخ ) للشريعة الدينية ، فهناك
:
1- الأحوال الشخصية لغير المسلمين حيث يخضع
كل طرف لأحكام شريعته ( كتب ) ، مع خضوع غير المسلمين للشريعة الإسلامية كشريعة عامة للبلاد ، ويؤكد ذلك مثلا : المادة 4 من قانون الأسرة القطري وقانون الأحوال الشخصية لغير المسلمين الاتحادي في دولة الإمارات العربية المتحدة .
2- الأحوال الشخصية للمسلمين حيث يخضع
المسلم لأحكام شريعته الإسلامية في مسائل الزواج والطلاق والوقف والميراث والوصية
والنفقة والتبني ..إلخ .
ومن ثم وفقا لهذا
القانون المبنى على أسس دينية إسلامية :
* الشريعة الإسلامية هي المصدر الرئيسي والمرجعية الأولى للتشريع ، على سبيل المثال نذكر : مادة 2 في دستور مصر الصادر في عام 2014 م ، ومادة 2 في دستور الكويت ، حيث يجب أن يكون للدولة دين أو مذهب رسمي يهيمن على كل الأديان داخل الدولة .
* لا يجوز أن
يغير الشخص خانة الديانة من ديانة إلى أخرى بحسب رغبته إلا إذا غير ديانته من
الديانة المسيحية أو اليهودية إلى الديانة الإسلامية مثل : ليلى مراد و فريدة الشوباشي ، ولا
يُقبل أبدا تغيير الشخص ديانته من الإسلام إلى ديانة أخرى كالمسيحية أو غيرها مثل : د. محمد رحومة و أ. محمد حجازي .
* لا يجوز أن
يتساوى الجنسين ( الرجل والمرأة ) في الميراث حيث تقضى الآية القرآنية بأن " للذكر مثل حظ الأنثيين " .
* لا يجوز أن
يوصي الشخص بماله بالشكل الذي يضر بالورثة إلا في حدود الثلث .
* لا يجوز أن
يتبنى الشخص شخصا آخر ويعطيه اسمه إذ أن التبني بهذه الصورة حرام.
الاتجاه الثاني : المؤيدون لحذف خانة الديانة من
الوثائق الرسمية
( وهم الأقلية من أصحاب التوجهات العلمانية
التنويرية اللا دينية في مصر )
يرى أصحاب هذا
الاتجاه وجوب إلغاء خانة الديانة من الوثائق الرسمية
للشخص ، ومن ثم التعامل معه داخل الدولة على أساس
المواطنة لا على أساس الديانة ، وذلك تأسيسا على الآتي :
* بالنسبة للمدارس والجامعات ، تعتد الدولة فقط بالجامعات العلمية التي تقوم على تدريس العلوم الطبيعية والإنسانية والاجتماعية مثل علوم الكيمياء والفيزياء والأحياء والاجتماع والقانون والسياسة والاقتصاد إلخ ، مع إلغاء التعليم الديني أو الحد من التعليم الديني قدر المستطاع ، مثل طلبات إلغاء جامعة الأزهر ، وطلب قصر التعليم الديني على حلقات فقه وذكر ونيل إجازات مشيخية دينية فقهية بدلا من تخصيص مدارس ومعاهد وجامعات للتعليم الديني ونيل شهادات علمية في الفقه الديني كنيل درجة الماجستير أو درجة الدكتوراه في اللاهوت أو أصول الفقه الإسلامي .
* بالنسبة للوظائف والمناصب الإدارية
والسياسية ، تُحدد هذه الوظائف والمناصب على أسس مدنية لا دينية ،
وتلغى أي وظائف ومناصب تُحدد على أساس الدين ، فتتخلى الدولة عن وظيفة شيخ الجامع
الأزهر ، ومنصب وزير الأوقاف ومناصب الإمامة والخطابة
في الجوامع والمساجد ، وتحدد كل جماعة دينية الشأن الديني الخاص بها وتمارسه على
وجه الخصوص مع إلغاء أي قانون ينظم شأن ديني ، ومصادرة أي مصدر مالي رسمي يموّل المؤسسات الدينية مثل : طلبات إلغاء قانون الأوقاف وقانون الأزهر.
*
بالنسبة لمسائل الأحوال الشخصية ، تلغى مسائل الأحوال الشخصية (
كالميراث والوقف والوصية ..إلخ ) وتستبدل بمسائل الأحوال المدنية تفاديا لـ إزدواجية التشريع و
فوضى التشريع ، حيث يصدر قانون مدني واحد ينظم مسائل الزواج والطلاق والوقف والميراث والوصية والنفقة بالنسبة للمسلم وغير المسلم.
ومن ثم يجوز في ظل هذا
القانون المبنى على أسس مدنية :
*
مبادئ الشريعة الإسلامية هي المصدر الرئيسي والمرجعية الأولى الرسمية للتشريع ، والمبادئ نفسها هي المبادئ التي تتفق عليها الأديان الإبراهيمية مع الإسلام إذ أن الإسلام
صدق ما قبله من مبادئ وكذب ما قبله من عقائد ، على سبيل المثال نذكر : مادة
2 في دستور مصر الصادر في عام 2014 م ، فضلا عن أنه يجب ألا يكون للدولة دين أو مذهب رسمي بل تقف على مسافة واحدة من كل الأديان .
*
أن يغير الشخص خانة الديانة من ديانة إلى أخرى بحسب رغبته ولو كان الأب مسلم مثل الرئيس الأمريكي السابق
باراك حسين أوباما وهو
مسيحي الديانة رغم أن
والده كان مسلما .
- أن يمنع المسلم الميراث عن شخص معين ، ويوصي بالميراث لمن يحدده هو بإرادته دون التقيد بأحكام الميراث التي جاءت في الشريعة الدينية ( الميراث الاختياري ) .
- أن يوصي
الشخص بماله كيفما يشاء دون الخوف من الورثة كأن يتبرع بكل أمواله لجمعية خيرية أو
يتبرع بكل ماله كوقف من أجل :
1- خدمة مؤسسة معينة مثلما أوصى المليونير ألان نيمان بكل ثروته لرعاية الأطفال المحتاجين .
- أن يتبنى
الشخص شخصا آخر ويعطيه اسمه مثل المشاهير الذين يتبنون أطفالا .
- لا يجوز
للرجل الواحد أن يعدد زوجاته ، كما لا يجوز للمرأة الواحدة أن تعدد أزواجها ( التعدد بالنسبة لكلا الجنسين جريمة ) على
أساس أن المرأة
= الرجل تماما ،
وكلاهما يعاون الآخر في الحياة – دون وصاية ودون قوامة – في ظل المجتمع المدني
العلماني .