مدونة قانونية متخصصة هدفها خدمة المجال القانوني في الوطن العربي

الجمعة، 21 يونيو 2024

الدعارة بين مؤيد ومعارض


مفهوم الدعارة أو البغاء 
   هي فعل استئجار أو تقديم أو ممارسة خدمات جنسية بمقابل مادي. وهي بيع أو تبادل الخدمات الجنسية مقابل المال .

تعريف جمعية «المساواة الآن» في نيويورك :
                                 الدعارة هي ممارسة الجنس إجباراً وقسراً.

أنواع الدعارة أو البغاء

يمكن التعرض لأهم أنواع الدعارة فيما يلي :

من حيث الاختيار

١- دعارة قسرية إجبارية :
الدعارة القسرية حيث يجبر الشخص على بيع جسده بسبب الإكراه أو الإجرام أو الفقر .

٢- دعارة طوعية اختيارية :
وتأخذ أشكال مهنة ربحية لها ضوابط صحية واجتماعية وقانونية بما يكافح الكبت الجنسي ويقلل من الأمراض الجنسية .

من حيث الظهور

١- دعارة علنية :
تمارس في العلن أمام الناس ، وتكون الجهات العامة والخاصة على علم بها في أغلب الأحوال .

٢- دعارة خفية :
تمارس في الخفاء داخل فنادق أو مواخير أو منازل خاصة.

من حيث القانون

١- دعارة مقننة :
تتم وفقا لأحكام القانون الذي ينظمها في دولة معينة .

٢- دعارة غير مقننة :
تتم بالمخالفة لأحكام القانون سواء نظمها القانون أو لم ينظمها في دولة ما .

تجريم الدعارة بين مؤيد ومعارض

هناك اتجاهان ، اتجاه يؤيد الدفاع عن الدعارة ، واتجاه آخر يؤيد تجريم الدعارة .

الاتجاه الأول
المعارض للدعارة والمكافح لها

يرى الأغلب من أصحاب النظرة الدينية المحافظة وجوب تجريم الدعارة لأنها تساهم في :

- إفساد الأخلاق ونشر الفسق والفجور في المجتمع بدعوى الحرية الجنسية أو الانفجار الجنسي .

- وسيلة لنقل وانتشار الأمراض الجنسية والجسدية

- سبب انهيار المجتمعات بسبب تفككها الأسري والعائلي والأخلاقي .

- سبب فقر المجتمع بسبب غضب الله على المجتمع الذي يبيح الفاحشة بحسب الفكر الديني - وبخاصة الفكر الإسلامي والفكر المسيحي - ، فضلا عن أن الدعارة تسبب خسائر مالية فادحة للدولة ، وقد سنت فرنسا قانونا لتجريم الدعارة بسبب ما تكبدته من خسائر مالية فادحة إثر اباحتها للدعارة .

وذلك لأن الدعارة هي :

* خرق أو انتهاك لحقوق الإنسان ، وقد نصت ديباجة اتفاقية الجمعية العامة للأمم المتحدة في عام 1949م على أن  " لما كانت الدعارة ، وما يصاحبها من آفة الاتجار بالأشخاص لأغراض الدعارة، تتنافى مع كرامة الشخص البشري وقدره ، وتعرض للخطر رفاه الفرد والأسرة والجماعة " ، وطالبت الجمعية الدول لأطراف الموقعة على الاتفاقية هذه بمعاقبة القوادين وأصحاب بيوت الدعارة والعاملين فيها ، ووافقت 95 دولة شملت فرنسا وإسبانيا وإيطاليا والدانمارك على الاتفاقية اعتبارًا من يناير 2009 .

*شكل من اشكال الاسترقاق أو الاستعباد الجنسي للبشر ، وقد صدر  قرار عصبة الأمم عام 1877 بإلغاء الرق بكل أنواعه بما في ذلك الاسترقاق الجنسي .

* أغلب المنظمات النسوية تكافح الدعارة ، وترى أنها تمثل تسليع وامتهان للمرأة من أجل إخضاعها للسيطرة الذكورية بوصفها مخلوق خلق ليكون مجرد أداة جنسية لإمتاع الرجل فقط بالشكل الذي يمثل استغلال مسيء لجسدها ونفسيتها ، حيث تعتبر الدعارة أحد أشكال الإتجار بالمرأة وأحد أشكال العنف البدني الجنسي أو الجنساني ضد المرأة .

* عار اجتماعي يأخذ صورة الاتجار بالبشر والعنف ضد المرأة وانتهاك أخلاق المجتمع . أسماء تسيء للعاملين على الدعارة بسبب معاداة المجتمعات لها فيوصف العامين في مجال الدعارة بمسميات وكلمات نابية مثل :
« شَرْموطَة » وهي المرأة التي تمارس الدعارة لمتعتها الشخصية .
« شلِكِّة » وهي  المرأة التي تمارس الدعارة مقابل أجر مادي .
« قَحْبَة » وهي المرأة التي تمارس الدعارة بأجر ، و تعود الكلمة هذه إلى عصور الجاهلية حيث كان العاهرات في الجاهلية يقححن (يسعلن) للرجال المارة كإعلان لمكانهن.
« بطرونة » وهي المرأة التي تنظم عمل العاهرات .
« قَواد » وهو الرجل الذي يعمل بالقوادة حيث ينظم عمل العاهرات ويتقاضى مقابل تشغيلهن أجراً .
« ديوث » وهو الرجل الذي يسمح بعمل أقاربه أو محارمه في مجال الدعارة .

* خطيئة دينية ، فاليهودية تجرم الدعارة وجاء في الوصايا العشر " لا تزن " المسيحية تجرم الدعارة بوصفها نتيجة لبعد البشر عن الله ، كما ان السيد المسيح جعل النظرة مع الشهوة كمن زنا ( إنجيل متى 5 : 28 ) ، وفي أكثر من موضع انجيلي يشار إلى الزنا على أنه خطية ونجاسة .
أيضا يجرم الإسلام الدعارة ويعاقب الزاني بحد الزنا وهو الجلد 100 جلدة للزاني والزانية بنص القرآن الكريم ( سورة النور الآية 2 ) مع تغريب الزاني سنة وفقا للأحاديث النبوية الإسلامية والفقه الإسلامي ، وإذا كان الزاني متزوج يعاقب بالرجم ( الإعدام رميا بالحجارة ) بشرطين :
1- الاعتراف ، حيث يعترف الشخص بالزنا .
2- الشهادة ، حيث يشاهده أربعة شهود وهو يزني مشاهدة واضحة ، وفي حالة عدم ضبط الشهود شهادتهم يعاقبون بـ " حد القذف " .

* جريمة اجتماعية عبر التاريخ ، يجب مكافحتها كأحد متطلبات الأمن القومي للدولة لذلك يجب تجريمها وتجريم كل نشاط يرتبط بها أو يؤدي إليها مثل : القوادة والاستدراج من مكان عام ونشر المواد الإباحية ..إلخ ، ففي مصر الحديثة مثلا الدعارة بموجب فرمان رقم 240 للعقوبات الجنائية في عام 1867 م جاء فيه : « يعاقب بالسجن مده لا تقل عن شهر ولا تزيد عن سنة لكل قواد يجبر طفل صغير أو إمراة أقل من سن 21 عام على ممارسة عمل قد يعرضه للاغتصاب "

وفي عام 1937م صدر قرار بإلغاء رخصه الدعارة وإنشاء شرطة الآداب ( بوليس الآداب أو شرطة الأخلاق ) ، وفي عام 1942 صدر الأمر الوزاري بإغلاق بيوت الدعارة ، وفي عام 1949م صدر أمر عسكري رقم 76 عام 1949 ينص على اغلاق وهدم بيوت الدعارة ، وفي عام 1951م نص القانون رقم 68 لعام 1958 على تجريم الدعارة ، ثم صدر قانون مكافحة الدعارة رقم 10 لسنة 1961م .

 والآن تنص المادة ١٧٨ من قانون العقوبات المصري على أن : 
"يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على سنتين وغرامة لا تقل عن خمسة آلاف جنيه كل من نشر مقاطع تصويرية على مواقع التواصل الاجتماعي إذا كانت خادشة للحياة
 ونصت المادة 306 مكررًا "أ" من قانون العقوبات المصري على أن : 
" يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن ستة أشهر ولا تجاوز سنتين وبغرامة لا تقل عن خمسمائة جنيه ولا تزيد على ألفى جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من تعرض لشخص بالقول أو بالفعل أو بالإشارة على وجه يخدش حياءه فى طريق عام أو مكان مطروق، ويسرى حكم الفقرة السابقة إذا كان خدش الحياء قد وقع عن طريق التليفون أو أى وسيلة من وسائل الاتصالات السلكية أو اللاسلكية."

أيضا هناك جريمة الفعل الفاضح العلنى حيث نصت المادة 269 مكرر ا من المرسوم بقانون رقم 11 لسنة 2011 الصادر من المجلس الأعلى للقوات المسلحة بتعديل بعض أحكام قانون العقوبات على أن : 
يُعاقَب بالحبس مدة لا تقل عن ثلاث أشهر كل من وُجد فى طريق عام أو مكان مطروق يحرض المارة على الفسق بإشارات أو أقوال. فإذا عاد الجانى إلى ارتكاب هذه الجريمة خلال سنة من تاريخ الحكم عليه نهائيًا فى الجريمة الأولى تكون العقوبة الحبس مدة لا تقل عن سنة وغرامة لا تقل عن خمسمائة جنيه ولا تزيد على ثلاثة آلاف جنيه، ويستتبع الحكم بالإدانة وضع المحكوم عليه تحت مراقبة الشرطة مدة مساوية لمدة العقوبة".

والدعارة مجرمة أيضا في أغلب تشريعات الدول العربية والإسلامية - إن لم يكن كلها - ، فعلى سبيل المثال لا الحصر : في دولة الإمارات العربية المتحدة الدعارة جريمة وعقوباتها غرامات كبيرة والسجن، مع ترحيل العاهرات الأجانب عادةً ، وفي دولة المملكة العربية السعودية الدعارة جريمة معاقب عليها بعقوبات بالسجن أو الجلد، والترحيل بالنسبة للأجانب ، وتصل العقوبة إلى الإعدام إذا أدت الدعارة إلى الخيانة الزوجية أو اللواط ، وفي دولة قطر الدعارة جريمة بموجب المواد من 294 حتى 299 من قانون العقوبات القطري ، وفي دولة اليمن الدعارة جريمة بموجب المواد من 273 حتى 281 من قانون العقوبات اليمني ، وفي دولة الجزائر الدعارة جريمة وفقا لنص المادة 343 من قانون العقوبات الجزائري ، وفي دولة تونس الدعارة جريمة وفقا لنص المادة 231 من قانون العقوبات التونسي على ما يلي:

الاتجاه الثاني
المؤيد للدعارة والمدافع عنها

يرى البعض من أصحاب النظرة اللا دينية العلمانية وجوب إباحة الدعارة لأنها :

 - إفساد الأخلاق ونشر الفسق والفجور والتحرش الجنسي في المجتمع ناتج عن الكبت الجنسي لأن الممنوع دائما مرغوب ، لذلك يجب إباحتها وإباحة كل نشاط يرتبط بها أو يؤدي إليها.

يمكن تفادي نقل ونشر الأمراض الجنسية والجسدية عن طريق الإشراف الطبي والصحي على بيوت الدعارة .

- سبب انهيار المجتمعات ليس تفككها الأسري والعائلي والأخلاقي ، وانما انغلاقها على نفسها ورفضها اي محاولة للتقدم أو الحداثة أو التعلم أو الاستثمار .

- فقر المجتمع يرجع إلى انغلاقه على نفسه وإلى اسباب علمية ( سياسية واقتصادية واجتماعية ) .

والدعارة هي : 
- حق أو ممارسة من حقوق الإنسان حيث يحق للإنسان استخدام جسمه كيفما يشاء ، ولم توافق 97 دولة عضو أخرى شملت ألمانيا وهولندا والمملكة المتحدة والولايات المتحدة على اتفاقية الجمعية العامة للأمم المتحدة في عام 1949م ، وقد طلبت موقف منظمة العفو الدولية : إنهاء تجريم الدعارة

- منفعة شخصية جسدية ، حيث يستمتع الإنسان بلذة الجنس أو اللذة الجنسية أو المتعة الجنسية 

( Sexual pleasure

.

- كان الجنس مقدسا ، وكان يمارس في معابد الآلهة في الحضارة المصرية القديمة ، فمثلا كان الإله أمون إله الشمس يمارس الجنس مع عدة نساء ، وكذلك الإله بس والإله مين ، كما كانت العائلات تعطي أجمل بناتها - المتزوجات أو العذارى - لكهنة المعابد بقصد التقرب من هؤلاء الكهنة ، مع الاحتفاظ بحق هؤلاء النساء في المغادرة عندما يتقدم بهم العمر ولا يريدهم أحد من الكهنة بعد الآن ، وهم من تمت تسميتهم باسم " بغايا المعبد " أو " بغايا المعبد المقدسات " عند العرب قبل الاسلام والمشار إليهن في المادة 181 من قانون حمورابي في حضارة بلاد ما بين النهرين ، وكانت الأمم القديمة تقدس الجنس وتحترمه كأساس للمحبة بين الجنسين وكأساس لإيجاد واستمرار الحياة أيضا ، كما كانت الأمم القديمة تقدس آلهة الجنس وتطلب العون منهم والتبرك بهم أيضا مثل الإله " إيروس " و الإلهة " أفروديت " في الحضارة الإغريقية القديمة ، و " فينوس " عند الرومان ، و " إنانا " في حضارة بلاد ما بين النهرين ، و " عشتروت " عند الفينيقيين والكنعانيين  . 

- عمل ومورد رزق بالنسبة لمن يمتهنون العمل في ذلك المجال ، وسبيل من سبل مكافحة البطالة ومشكلاتها وآثارها السيئة بالنسبة للفرد والمجتمع .

عامل جذب للسياح والوافدين ، ومن ثم تنشيط مجالات السياحة وإدخال العملة الصعبة إلى البلد ، و في عام 2008 طالبت المخرجة المصرية إيناس الدغيدي بترخيص الدعارة وتنظيمها، على أن تجدد الرخصة سنويا، ( مصدر الخبر : 1 )

- متنفس جنسي بالنسبة للأرامل وغير المتزوجين تجنبا لأخطار الكبت الجنسي او الإحباط الجنسي Sexual frustration .

- هناك منظمات نسوية تدعم الدعارة وتدافع عنها ، وترى أن للمرأة الحق الكامل في استغلال جسمها كيفما تشاء هي ، وهذا هو أساس الحرية الجنسية .

- نشاط اقتصادي ربحي تجاري مربح للعاملين به ويجلب للدولة ضرائب ، حيث تسجل الدولة العاهرات ، وتلزم العاهرات بالخضوع للكشف الطبي بين الحين والآخر ، وتنظم بيوت الدعارة كما كان الحال في مصر الرومانية ، كما تم انشاء كرخانات ( بيوت للدعارة ) في مصر العثمانية - وفي مصر الحديثة أيضا - وقد أصدر محمد علي باشا في عام 1805 م فرمان بوجوب تسجيل للعاهرات في مصر حيث جرى التسجيل في مقر الصوباشي أو رئيس الشرطة مع تحصيل ضريبة البغاء ( ضريبة عن ممارسة نشاط الدعارة ) ، وفي عام1885 م صدرت لائحة مكتب التفتيش على النسوة العاهرات والتزمت العاملات بالجنس بمقتضاها بالتسجيل وإلا عوقبن ، وفي عام 1896 م صدرت لائحة تنظيم بيوت العاهرات ،  وفي عام 1905 صدرت لائحة بشأن بيوت العاهرات حيث كان يسجل اسم البنت وسنها وسكنها ورقم رخصتها وتاريخ الكشف الطبي عليها واسم محل العاهرات الذي تعمل به 




 وقسمت هذه اللائحة العاهرات إلى قسمين هما :
1- عايقة :- وهي القوادة أو السيدة التي تدير النشاط الجنسي.
2-مقطورة :- و هي الفتاة التي تمارس النشاط الجنسي .

 ويروى أنه من بين الجنود الأستراليين الذين استقروا في مصر بعد الحرب العالمية الأولى الجندي بيلي سينج الذي كان من أشهر زبائن بيوت الدعارة المقننة في حي الزاوية الحمرا بالقاهرة .

- هناك انظمة شبيهة بالدعارة مثل : زواج المتعة عند الشيعة – من وجهة نظر أهل السنة والجماعة - والزيجات الصيفية .

- هناك دول عربية أباحت ونظمت الدعارة مثل دولة تونس التي عندها لوائح البغاء والدعارة الصادرة عن وزارة الداخلية في المرسوم الصادر في 30 أبريل 1942م ، والتي جاء فيها :
· يحتاج العاملين في مجال الجنس إلى تسجيل وترخيص قصد مزاولة عملهم بشكل طبيعي
· الدعارة لا يُمكن أن تتم إلا في مناطق محددة.
· للبغايا الحق في العمل بشكل مستقل أو في بيوت الدعارة.
· لا يجوز للبغايا ترك مناطق معينة إلا بعد الحصول على تصريح من السلطات المعنية.
· يجب إجراء فحوصات طبية مرتين أسبوعيا للتأكد من خلو الداعرة من الأمراض المنقولة جنسيا (الأمر إلزامي)
· يجب أن يتم دفع الضرائب وبشكل منتظم.
· الوقت الوحيد غير المسموح فيه بممارسة الدعارة بالنسبة للعاهرات هو فترة حيضهن
· لا يُسمح للعاملين في مجال الجنس بالعمل في أي مهنة أخرى .
· استخدام الواقي الذكري بالنسبة للرجال أمر إلزامي.
· مُسيرة أو مالكة بيت الدعارة يجب أن تكون سيدة يتجاوز سنها على الأقل 35 سنة كما يجب أن تحصل على موافقة من زوجها قبل فتح البيت.

Post Top Ad

Your Ad Spot

الصفحات

(code-box)